كما قال سيبويه في قوله : وهذا بعلى شيخ ، ومثل : حلو حامض. فإذا كان كذلك جاز أن يتعلق بالمضمر على حد : زيد في الدار ، فإذا جاز ذلك لم يكن صفة ، وإذا لم يكن صفة لم يكن هذا دليلا قاطعا على أن «كل» نكرة ، وإذا لم يكن نكرة لم يجز دخول اللام عليه ، فهذا يمكن أن يقال.
ويجوز أن يكون «كل» ابتداء ، و «فيها» خبرا ، والجملة خبر «إن» ، كقوله : (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) (١) ، وكقوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) (٢) فيمن رفع «المؤمنون» بالابتداء دون العطف على «الرسول» فى قوله : (آمَنَ الرَّسُولُ) (٣).
وهذه آية يتجاذبها ، على ما وصف لك سيبويه ، وأبو العباس ، لأن سيبويه يجيز إدخال لام التعريف على «كل» ، وبه قال الأخفش. وقال المبرد : لا يجوز ، واحتج المبرد بأن ، «كلا» و «بعضا» لا يكونان أبدا منفردين ، إنما يجيئان مضافين في الابتداء ، نحو قولك : كل القوم جاءونى ، وبعضهم قال كيت وكيت ، ولا تقول «كل جاءونى» إلا أن يكون هذا مبنيا على كلام ، كأنه قيل : ما جاءك القوم ، فقلت : كل جاءونى ، على تقدير: كلهم جاءونى. وهذا الحكم فى «كل» و «بعض» قائم فيهما أبدا ، مضافين أو في تقدير الإضافة ، وإذا كان كذلك لم يجز إدخال الألف واللام عليهما ، لأن الألف واللام والإضافة لا يجتمعان ، فثبت أنهما لا يدخلان عليهما ، ونحن تقيس البعض والكل على النصف.
وفي التنزيل : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) (٤). وقد ذكرنا هذه المسألة فى «الخلاف» مستقصى.
__________________
(١) آل عمران : ١٥٤.
(٢) البقرة : ٢٨٥.
(٣) النساء : ١١.