وأما قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) (١) ، ف «رسله» معطوف على الضمير المنصوب الذي قبله ، كما قال : (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) (٢) ، ولا يجوز أن يكون معطوفا على مفعول «ليعلم» ؛ لأنك تفصل بين الصلة والموصول ؛ ألا ترى أن قوله «بالغيب» متعلق ب «ينصر» ولا يجوز أن يتعلق ب «ليعلم» ، فإذا كان كذلك ، فلو عطفت «رسله» على «يعلم» فصلت بالمعطوف بين الصلة والموصول.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) (٣). فقوله بعد : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) (٤) اعتراض بين الصلة والموصول ، وقوله : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) (٥) فى الصلة من الفعل. ونظير هذا (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) (٦) هو فصل بين الفعل ومفعوله دون الصلة وموصوله.
أما قوله : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (٧). فزعم أنه لا يكون عطفا على ما تقدم من ألّا يفصل بين الصلة والموصول بقوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) ، (٨) ولكن النصب على إضمار «أن» بعد «أو». ونعنى بالموصول قوله : (بُشْرى لَكُمْ) (٩) لأن اللام من قوله «ليقطع» متعلق به ، وقوله : (وَمَا النَّصْرُ) اعتراض.
فهذه آي وردت ، فيها يقول النحويون من امتناع الفصل بين الصلة والموصول ، ولا نرى منها حرفا في كتبهم ، والحمد لله الذي هدى لهذا.
__________________
(١) الحديد : ٢٥.
(٢) الحشر : ٨.
(٣) آل عمران : ١٣٥.
(٤) آل عمران : ١٣٥.
(٥) البقرة : ١٢٠.
(٦) آل عمران : ١٢٨.
(٧) آل عمران : ١٢٨.
(٨) آل عمران : ١٢٦.