قول الفراء : إن قوله (كَمْ أَهْلَكْنا) (١) جواب القسم ، وإن التقدير : لكم أهلكنا ؛ قال : هذا لا يجوز ؛ لأن اللام على هذا داخلة على الفضلة.
ثم قال : فإن قال قائل : ما ننكر أن تكون اللام التي دخلت على الأفعال مرادة فى «كم» محذوفة لطول الكلام ؛ وأن دخولها فى «كم» العامل فيه «أهلكنا» بمنزلة دخولها على «إلى» المتعلقة بالفعل المنتصبة الموضع به فى قوله : (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (٢).
وكما جاز دخولها على الجارّ المنتصب الموضع كذلك يجوز دخولها على «كم» المنتصبة الموضع.
ثم قال : الجواب عندى أن التقدير بهذه اللام في قوله : (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (٣). ألا ترى أن القسم إنما وقع على «أنهم يحشرون» لا على الجار والمجرور ، والمقسم عليه بالفعل ، وهو المؤكد باللام ، والملقى المقسم به.
وإنما دخلت اللام على الحرف الجار لتقدّمه عليه ، ولم تدخل إحدى النونين على الفعل ، لوقوعه على الحرف ، وجاز دخولها على الحرف في كلا الموضعين ؛ إذ المراد به التأخير ، كما جاز دخول لام الابتداء في مثل : إن زيدا لطعامك آكل ؛ إذ المراد به التأخير إلى الخبر.
__________________
(١) ص : ٣.
(٢) آل عمران : ١٥٨.