منهما صاحبه في معنى التوكيد بهما ، فسبب لحاق النون دخول «ما» ، على ما يذهب إليه النحويون ، وكان لزوم النون فعل الشرط الوجه لدخول الحرف قبله ، إذا كان في خبر غير مبتّ.
فإن قيل : لم لزمت النون فعل الشرط مع «إن» إذا لحقتها «ما» دون سائر أخواتها؟
وهلّا لزمت سائر أفعال الشرط ؛ إذا دخلت على حرف المجازاة «ما» كما لزمته مع «إن» ، إذ ما ذكروه من الشبه ب «ليفعلن» موجود في سائر الحروف ، وقد جاء : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) (١) ، و (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ) (٢) ، و (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٣) ، وكل ذلك لا نون فيه :
الجواب في ذلك : أن النون لم تلحق الشرط مع سائر حروف الجزاء ، كما لحقت مع «إن» لاختلاف موضعى «ما» المؤكدة؟
وذلك أنه قد استقبح أن يؤكّد الحرف ولا يؤكد الفعل ، وله من الرّتبة والمزية على الحرف ما للاسم على الفعل ؛ فلما أكد الحرف ، والفعل أشد تمكنا منه ، قبح ترك تأكيده مع تأكيد الحرف ، وليس سائر حروف الجزاء مثل «إن» فى هذا الموضع ؛ لأنها أسماء ، وهي حرف ، فلا تنكر أن تؤكد هى دون شروطها
__________________
(١) النساء : ٧٨.
(٢) البقرة : ١٤٨.
(٣) الإسراء : ١١٠.