و (عُفِيَ لَهُ) (١) يجئ بمعنى : عفى عنه ، فلما ثبت أن العفو وقع للقاتل علم أن العافي هو الولىّ ضرورة ، وما لأحد غيره حقّ في هذا الباب ، وقد تقدّم الجواب عن هذا الكلام.
ودل قوله «شىء» على التنكير ، فإن الله أوجب القصاص ابتداء ، ثم قال : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) (٢) على سبيل التّنكير ، فينصرف إلى شىء من الواجب عليه ، أي : أي شىء من القصاص.
فإن قيل : تأويله : شىء من العفو بعفو القصاص دون البدل.
قلنا : لما كان «شىء» نكرة من جملة وجب صرفها إلى الجملة المذكورة شائعة ، وهو القصاص ، دون العفو ، الذي لم يذكر ، كما يجب في الكناية والتعريف.
ومن ذلك قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) (٣).
فيه قولان :
أحدهما : «الهاء» لنمرود ، لما أوتى الملك ، حاجّ في الله تعالى. عن الحسن.
الثاني : هو لإبرهيم ، لما آتاه الله الملك ، حاجّه نمرود : عن أبى حذيفة. و «الملك» النبوة.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ)(٤).
__________________
(١) البقرة : ١٧٨.
(٢) البقرة : ٢٥٨.
(٣) فاطر : ١١.