والكتب صفوفا على ألواح وكراسي ، وكل كتاب في أسفله حلقتين حديد ، وسلسلة حديد تجوز على جميع الكتب ، كل ذلك لئلا تذهب وتسرق. وكانت في كل لغة ، ففتشنا حتى وجدنا كتابا عربيا وفتحناه لنقرأ فيه ، والموضع الذي وجدت كان تفسير الآية التي ذكرت أنه في الطرة عليها وهي : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...) وذلك من غير قصد مني للآية ، إذ هداية من الله سبحانه وبرهان لما قلت للنصراني. ومن جملة ما ذكر في تفسير الآية أبيات شعر فأخذت القلم ، وكتبت والنصراني حاضر ، وهذا الذي كتبت من الكتاب ، ونظرت أوله لنذكر مؤلفه ، وخصت ورق في أوله ، وهذا هو الشعر ، ولكن إصلاح فيه الشيخ العلامة الأجهوري عند قراءتي الكتاب عليه :
حبذا من وهب النسا الصالحات
هن للنسل وهن للدين ثبات
يهب الله لمن يشاء النساء الخيرات
إنما الأرحام لنا محترثات
فعلينا بالزرع فيها وعلى الله النبات (٦٩)
ولم يسعني الحال أن نتم القراءة على معنى ما بقي.
وقال النصراني : ما هذا الذي كتبت؟ قلت : شيء من تفسير الآية التي كتبت أنت عليها في الطرة بإباحة النكاح في الدبر. وقلت له معنى الشعر بالأعجمية ، قلت له قول الله تبارك وتعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ، قال : نعم ، قلت له : هل رأيت أو سمعت أن أحدا يحرث في حجر؟ قال : لا ، قلت لم يحرث أحد إلا في موضع النبات أو الزرع ، والنسا هن حرث الرجال في محال النبات كانت بوجهها إليه أو بظهرها. وحينئذ أخذ القلم ومحا ما كان كتبه في ... (٧٠) الآية. وقال الشيخ الأجهوري عن سيدنا مالك أن بعضا نسب إليه أنه قال بجواز النكاح في الدبر ، فقال لهم أم أنتم قوم عرب ، هل يكون الحرث في غير موضع الزرع!
__________________
(٦٩) واضح أن هذا كلام غير موزون.
(٧٠) بياض بالأصل.