إلى مراكش في هذه الأيام ـ إن شاء الله تعالى ـ ، وكيف يكون التدبير عليهما ، قال : اكتب لهما تأتيان إلى داري ، وأنا أدبر عليهما حتى ترجعا إلى بلادهما. وكتبت لهما بذلك ، وبعثت البراة إلى رجل أندلسي ، وبلغها لهما ، وسترهما الله تعالى في الطريق من الفرنج حتى بلغتا إلى فلنضس. ووقع التدبير مع الأمير (١٧٢) ، وبعثهما في سفينة تجار إلى اصطنبول ، وبلغتا سالمتان. وصنع معهما ذلك بعد أن مشيت من تلك البلاد ولا رأيتهما ، والخير يأتي بخير. وأما الرايس كان يفرح بنا في سفينته ، وذلك مقصودنا.
وأما مدينة إلهاية التي كان فيها الأمير ، فعرضها اثنتان وخمسون درجة ، وذلك في إقليم السادس من الدنيا. وأصابنا الحال ونحن فيها أطول أيام العام عند حلول الشمس بالسرطان ، وليس طول الشمس وغروبها كهذه البلاد ـ أعني مصر والمغرب والشام وبلاد الأندلس ـ. فاليوم هنا لك من أول الفجر من نحو سبعة عشرة ساعة بتقريب ولا ظلمة في الليل إلا قليلة ، وغروب الشمس ثم بعد ذلك بساعة ونصف بتقريب نصلي الصبح.
ويطول الكلام على ما رأينا بفلنضس ، ذكرنا شيئا (١٧٣) في الرحلة ، وأيضا حكاية
__________________
(١٧٢) زيادة في «ب» : «بواسطة الرسول وكان قد قال لي الرسول إن المسلمين الذين وجدوا في بلدهم في الأغربة حين أراد الأمير أن يبعثهم هدية إلى بلاد المسلمين جاء التجار إليه وقالوا له أن يبيع لهم المسلمين ليفدوا بهم نصارى أسارى عند المسلمين ، قال لهم : نبعثهم هدية للمسلمين ليعملوا الخير مع أهل بلدنا الذين يردون عليه. حينئذ قالوا : المسلمون طماعون ولا يرون الخير. قال لهم : إن لم يكن فيهم واحدا من يرى بهذا الخير لوجه هاذا الواحد نعطي هؤلاء الأسارى كلهم. ولما أن وقفنا مع الرسول في مراكش حتى خرج من السجن وردوا له حصانه وغير ذلك قال إنه كتب للأمير وأخبره وقال له هاذاك الواحد الذي قلتم إنه يرى بالخير الذي عملتم مع المسلمين الذين بعثوني بهم قد ظهر. وذكر ذلك الخير حتى بلغ السلطان وأطلقني من السجن ، ولنكذب التجار الذين قالوا العيب في المسلمين ما درات نطلب شيئا من المال ورضى المسلمين عندي أفضل من كل متاع الدنيا».
(١٧٣) «ب» : ذكرنا شيئا من ذلك في الرحلة.