أمواج القناطير المقنطرة. وعن هذا قال عليهالسلام : «الزكاة قنطرة الإسلام» وكذا المال يساعد دون الأمجاد ، كما أن الماء يجتمع في الوهاد دون النجاد ، وكذلك المال لا يجتمع إلا بكف البخيل ، كما أن الماء لا يجتمع إلا بسد المسيل ، ثم يفنى ويتلف ولا يبقى كالماء في الكف)
ولننتقل إلى المجموعة الخامسة في هذا المقطع ولنقدم لهذه المجموعة بكلمة :
إن هذه الحياة الدنيا يختلط خيرها بشرها ، وشقاؤها بسعادتها ، وألمها بلذتها ، والله الذي خلق الخلق ، وجعل هذه الدنيا على ما هي عليه ، شاء أن يجعل دارا يتمحض فيها الخير واللذة والسعادة ، بلا شر ولا شقاوة. وهذا يقتضي ثمنا. وتلك الدار تحتاج إلى أهلها ، والله عزوجل يدعو إلى هذه الدار بواسطة الرسل ، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يستغرب أن يرسل الله رسولا نذيرا وبشيرا ، وهكذا تبدأ المجموعة الخامسة بقوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) إنه بعد أن ضرب الله مثلا للحياة الدنيا ، وبعد أن ذكرنا بأن هذه الدنيا شأنها ما رأينا ، فإنه بعد ذلك يذكرنا بجنته ، ويذكرنا بالطريق إليها
وباختصار نقول : إن المجموعة الخامسة ترتبط بسياق المقطع. وترتبط بالسياق المباشر ، فارتباطها بالسياق المباشر من حيث إنها حديث عن الآخرة يأتي بعد حديث عن الدنيا ، وارتباطها بالمقطع من حيث إن المقطع يرد على المنكرين للوحي ، فالله يحدثنا عن ذاته جل جلاله أنه يدعو إلى دار السلام ، وهذا يقتضي أن يرسل رسلا ، وأن ينزل وحيا ، فكيف ينكر المنكرون الوحي وبعثة الرسل؟
المجموعة الخامسة
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) دار السلام : هي الجنة ، أضافها الله إلى اسمه تعظيما لها ، وقد يراد بالسلام السلامة لأن أهلها سالمون من كل مكروه ، وقد يكون سميت دار السلام لفشو السلام فيها (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أي ويوفق من يشاء (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي إلى الإسلام أو إلى طريق الجنة. والمعنى : والله يدعو العباد كلهم إلى دار السلام ولا يدخلها إلا المهديون ، فدعوة الله عامة على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالدلالة ،