وقال الألوسي كذلك : (وذكروا للدعاء آدابا كثيرة منها الكون على طهارة ، واستقبال القبلة ، وتخلية القلب من الشواغل ، وافتتاحه واختتامه بالصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، ورفع اليدين نحو السماء ، وإشراك المؤمنين فيه ، وتحري ساعات الإجابة ، ومنها يوم الجمعة ـ عند كثير ـ ساعة الخطبة ، ويدعو فيها بقلبه ، كما نص عليه أفضل متأخري عصره الفاضل الطحطاوي في حواشيه على الدر المختار ، فيما نقله عنه أفقه المعاصرين ابن عابدين الدمشقي ، ووقت نزول الغيث ، والإفطار ، وثلث الليل الأخير ، وبعد ختم القرآن ، وغير ذلك مما هو مبسوط في محله).
وقال ابن كثير بمناسبة قوله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إن الذي تدعون سميع قريب». وقال عبد الله بن المبارك عن الحسن قال : إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به الناس ، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس ، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ، ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت ، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم. وذلك أن الله تعالى يقول : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) وقال ابن جريح : يكره رفع الصوت ، والنداء والصياح في الدعاء ، ويؤمر بالتضرع والاستكانة ، ثم روى عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) في الدعاء ولا في غيره وقال أبو مجلز : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) لا يسأل منازل الأنبياء. وروى أحمد ... عن مولى لسعد : أن سعدا سمع ابنا له يدعو وهو يقول : اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا ، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها ، فقال : لقد سألت الله خيرا كثيرا ، وتعوذت به من شر كثير ، وإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء. وفي لفظ ـ يعتدون في الطهور والدعاء ـ وقرأ هذه الآية (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً) الآية ـ وإن بحسبك أن تقول : اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل».