وروى الإمام أحمد أيضا ... عن أبي أمامة : أن عبد الله بن المغفل سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال : يا بني سل الله الجنة ، وعذبه من النار ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور». وأخرجه أبو داود بإسناد حسن لا بأس به ، والله أعلم.
٩ ـ وبمناسبة الأمر بالدعاء نقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الدعاء مخ العبادة» (١) وفي رواية «الدعاء هو العبادة» (٢) وسنرى في هذه السورة حضا كثيرا على الدعاء وطلبا شديدا له ، حتى إن الحكمة في الابتلاء إنما هي من أجل التضرع ، والتضرع دعاء ، وإنما كان للدعاء أهميته الكبرى والعظيمة لأنه المظهر الأعظم للعبودية والافتقار إلى الله ، وهو مع هذا عنوان معرفة الله ، فنحن عندما نرفع أيدينا في الدعاء وندعو ، يكون ذلك اعترافا منا بأن الله موجود ، وسميع وقادر على كل شىء. وهو الذى يرفع الكربات ، ويجيب الدعوات. والدعاء مع ذلك رمز الخضوع والتذلل والافتقار فلنكثر من الدعاء.
١٠ ـ وبمناسبة قوله تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين قال ابن كثير : (وقال قريب ولم يقل قريبة لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب ، أو لأنها مضافة إلى الله ، فلهذا قال : قريب من المحسنين). وقال مطر الوراق : استنجزوا موعود الله بطاعته فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين. رواه ابن أبي حاتم).
١١ ـ وقال ابن عباس في قوله تعالى : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً :) (هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، وعند هذه الآية يروى ابن كثير حديث البخاري التالي بما يشير به إلى أن الحديث في معنى ما تعرضت له الآية : روى البخاري عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم ، كمثل الغيث الكثير ، أصاب أرضا ، فكانت منها نقية ، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب ، أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان ، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ، ونفعه ما بعثني الله به ،
__________________
(١) أخرجه الترمذي وهو ضعيف.
(٢) أخرجه أصحاب السنن وصححه وحسنه الترمذي.