الفقرة نموذج على انحراف أهل الكتاب ، ونموذج على تحريف المشركين ، وبين ذلك تهديد لمن يكنز ، وأمر بالقتال الشامل للمشركين ، والصلة بين الإنفاق والقتال واضحة ، والصلة بين فضح انحرافات المشركين والكتابيين ، وبين الأمر بالقتال واضحة ، وبهذا انتهى المقطع بعد أن وضح كل ما له علاقة بقتال المشركين والكتابيين ، وبما ذا استأهل الجميع أن يقاتلوا ، وبانتهاء المقطع الثالث ينتهى القسم الأول من أقسام سورة براءة بعد أن فصل في ثلاثة أمور :
١ ـ في وجوب قتال المشركين وأهل الكتاب.
٢ ـ في موجبات ذلك ومبرراته.
٣ ـ في الأخلاق التي لابد منها لإقامة الجهاد الإسلامي.
حتى إذا استقرت هذه المعاني كلها يأتي بعد ذلك القسم الثاني الذي يأمر بالنفير العام ويحذر المتقاعسين وينذرهم.
فوائد :
١ ـ لقد حدثنا الله عزوجل عن فساد الأحبار والرهبان ، وفي ذلك تحذير لنا أن نصبح مثلهم ، قال سفيان بن عيينة : من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى ، وفي الحديث الصحيح : «لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة» قالوا : اليهود والنصارى؟ قال : «فمن؟» ـ وفي رواية : فارس والروم؟. قال : «فمن الناس إلا هؤلاء».
٢ ـ وبمناسبة قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ..) نذكر هذه الأحاديث والآثار :
أ ـ قال ابن عمر : «ما أدي زكاته فليس بكنز ، وإن كان تحت سبع أرضين ، وما كان ظاهرا لا تؤدى زكاته فهو كنز». وقد روي هذا عن ابن عباس وجابر وأبي هريرة وغيرهم.
ب ـ روى ابن أبي حاتم .. عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) الآية. كبر ذلك على المسلمين وقالوا : ما يستطيع أحد منا أن يترك لولده مالا يبقى بعده ، فقال عمر : أنا أفرج عنكم ، فانطلق عمر واتبعه ثوبان ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا نبي الله إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية. فقال رسول