عَظِيمٌ) قال ابن كثير : وفي الأثر يقول الله تعالى : يا ابن آدم اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شىء ، وإن فتك فاتك كل شىء ، وأنا أحب إليك من كل شىء» وفي الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذا انقذه الله منه». بل حب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقدم على الأولاد والأموال والنفوس ، كما ثبت في الصحيح أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله والناس أجمعين».
ولننتقل إلى التوجيه الخامس :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) أي نصرا لأنه يفرق بين الحق والباطل ، وبين الكفر بإذلال حزبه ، والإسلام بإعزاز أهله ، أو بيانا وظهورا يشهر أمركم ويبث صيتكم وآثاركم في أقطار الأرض ، أو مخرجا من الشبهات ، وشرحا للصدور ، أو تفرقة بينكم وبين غيركم من أهل الأديان ، وفضلا ومزية في الدنيا والآخرة أو هذا كله ، ولوجود هذه الأقوال كلها فسرنا الآية بأنه وعد ببدر كل حين (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أي يمحوها (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ذنوبكم فيسترها عن أعين الناس (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) على عباده.
كلمة في السياق :
لاحظنا أن السورة تفصيل لما له علاقة في فرضية القتال ، وفي هذا المقطع ذكرت مجموعة أمور كلها مهمة في شأن القتال لإحراز النصر : الثبات والانضباط والمسارعة إلى النفير والكتمان والتقوى ، في خمسة توجيهات كل منها مبدوء بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا.) وكل منها شرط رئيسي لإحراز النصر. إذ أنك عندما تكون مكشوفا لعدوك ما أسهل أن يكيدك عدوك ، وعندما لا تكون مسارعة للقتال ، ما أسرع أن يضربك عدوك ، وعندما لا يكون انضباط ما أسرع أن تنتهي معركتك بالفشل. وبدون صبر على القتال لا يكون إلا الاستسلام ، وعندما لا تكون تقوى فلا جهاد ربانيا موجود أصلا. والدول في عصرنا تدرب جندها تدريبا عاليا ، وتضعهم في الظروف الصعبة أثناء التدريب ليثبتوا في المعركة ، والدول الآن تركز في جيوشها على الإنضباط والطاعة ، واستحدثت لذلك النظام المنضم والرتب العسكرية ، والعقوبات