افتقدنا جملا لنا فأمر به فقطعت يده قال ثعلبة ـ أحد رواة الحديث ـ : أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول : الحمد لله الذي طهّرني منك ، أردت أن تدخلي جسدي النار.
وثبت في الصحيحين عن عائشة أنّ قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم ، في غزوة الفتح ، فقالوا : من يكلّم فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقالوا : ومن يجترىء عليه إلا أسامة بن زيد ، حبّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فأتى بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكلّمه فيها أسامة بن زيد ؛ فتلوّن وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال : أتشفع في حدّ من حدود الله عزوجل؟. فقال له أسامة : استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشيّ قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاختطب ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : «أما بعد فإنّما هلك الذين من قبلكم أنهّم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ ، وإني والذي نفسي بيده لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها. قالت عائشة : فحسنت توبتها بعد ، وتزوجت ، وكانت تأتي بعد ذلك ، فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وهذا لفظ مسلم. وقد ورد في أحكام السرقة أحاديث كثيرة سنراها في كتاب الأساس في السنة وفقهها إن شاء الله.
كلمة في السياق :
١ ـ جاء هذا المقطع بعد الكلام عن حدّ الحرابة وشريعة القصاص ، فهو استمرار لما تنحسم به مادّة الفساد ، ولذلك كان فيه أمر بالجهاد ، وأمر بقطع يد السارق والسارقة.
٢ ـ في الفقرة السابقة على المقطع ورد قوله تعالى : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) فحتى لا يفهم فاهم أن الجهاد الذي فيه إزهاق الأنفس داخل في قضية الاعتداء على الحياة ، جاء هذا المقطع آمرا بالجهاد ، ومتحدثا عن العقوبة الأخروية للكافرين مما يعرف به فظاعة جرم الكافرين ، فإذا جاهدهم المسلمون ، وقتلوهم فليس ذلك إلا بسبب فظاعة جرمهم.
٣ ـ يأتي هذا المقطع بعد المقطع الذي تحدث عن نكول بني إسرائيل عن الجهاد : حيث قال موسى عليهالسلام (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) وههنا يبين