المقطع مع بيان عدم هداية الكافرين والفاسقين ، وذكر خصائص من يستحق الهداية في آخر المقطع. ووصف اليهود والنصارى بما ينفّر منهم ، كل ذلك ينسجم مع كون هذا المقطع امتدادا للمقطع السابق من حيث إنه ينفي أن تكون لليهود والنصارى ولاية للمؤمنين مع ما هم عليه ، وينسجم مع المحور العام للسورة الذي يتحدّث عن من يستحق الهداية ، ومن يستحق الضلال ، وتفصيل لصفات هؤلاء وهؤلاء.
ملاحظات حول السّياق :
الأمر الأوّل المصدّر بقوله تعالى (قُلْ) في هذا المقطع هو : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ..)
الأمر الثاني هو : (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) الأمر الثالث هو : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا ...)
إنّ هذه الأوامر في هذا المقطع آتية في سياق الأمر بالتبليغ ، وستأتي نداءات لأهل الإيمان في سياق هذا القسم المبدوء بالأمر بالتبليغ ، ممّا يشعرنا بأهمية هذه الأوامر ، وأهمية هذه النّداءات في قضية محدّدة هي قضية التبليغ.
وواضح من السّياق أن هذا القسم المبدوء بالأمر بالتبليغ يتألف من مقطعين : المقطع الأوّل ينصبّ على تبليغ أهل الكتاب ، والمقطع الثاني ينصبّ على تبليغ أهل الإيمان. والوارث الكامل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عليه أن يلاحظ في الدعوة هذا وهذا ، فيركّز في دعوته لأهل الكتاب ، على ضرورة إقامة التوراة والإنجيل اللذين فيهما الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ويقيم الحجة على ذلك من خلال نصوص التوراة والإنجيل ، ويركّز على قضية عبادة غير الله ، ويركز على قضية الغلوّ في الدين ، واتّباع أهواء الضالّين من أمثال بولس ، الذي ضلّ عن تعاليم المسيح وعن إنجيله بدعوى الصّلة المباشرة بالسيد المسيح عليهالسلام ، تاركا هديه الذي نقله تلاميذه المباشرون ، كما يركّز الداعية إلى الله على مجموع النداءات التي توجهت لأهل الإيمان في هذا القسم ، من عدم تحريم الحلال إلى ترك الخمر والميسر ، إلى غير ذلك.
فوائد :
١ ـ في قوله تعالى : (بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ