المعنى الحرفي :
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً.) أي : ومن لم يجد منكم سعة ، وقدرة ، وزيادة (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ.) أي : أن يتزوج الحرائر المسلمات ، أو الحرائر العفيفات المسلمات (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ.) أي : فلينكح مملوكة من الإماء المسلمات. وقوله تعالى : (مِنْ فَتَياتِكُمُ.) أي : من فتيات المسلمين. والمعنى : ومن لم يستطع زيادة في المال وسعة يبلغ بها نكاح الحرة ، فلينكح أمة. وقال النسفي ـ وهو من أئمة الحنفية ـ : ونكاح الأمة الكتابية يجوز عندنا (أي عند الحنفية). والتقييد في النص للاستحباب بدليل أن الإيمان ليس بشرط في الحرائر اتفاقا مع التقييد به (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ.) أي : هو العالم بحقائق الأمور وسرائرها ، والإيمان ـ وهو مغيب ـ هو أعلم به ، وفيه تنبيه على قبول ظاهر إيمانهن ، ودليل على أن الإيمان هو التصديق دون عمل اللسان ، لأن العلم بالإيمان المسموع لا يختلف ، فلكم ـ أيها الناس ـ الظاهر من الأمور ، فخذوا به. (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ.) أي : فكلكم بنو آدم ، وفيه تحذير من التعيير بالأنساب والتفاخر بالأحساب. وفيه إشارة إلى عدم الاستنكاف من نكاح الإماء عند ضرورته. (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ.) أي : فتزوجوا الإماء بإذن سادتهن. قال الحنفية : وهو حجة لنا ، في أن لهن أن يباشرن العقد بأنفسهن. لأنه اعتبر إذن الموالي لا عقدهم ، وأنه ليس للعبد أو الأمة أن يتزوج إلا بإذن المولى.
وقال ابن كثير : فدل على أن السيد هو ولي أمته لا تزوج إلا بإذنه ، وكذلك هو ولي عبده ليس له أن يتزوج بغير إذنه. (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.) أي : وأدوا إليهن مهورهن من غير مطل ولا إضرار. وملاك مهورهن مواليهن. فكان أداؤها إليهن أداء إلى الموالي لأنهن وما في أيديهن مال الموالي. قال ابن كثير : أي وادفعوا مهورهن بالمعروف ، أي : عن طيب نفس منكم ، ولا تبخسوا منه شيئا استهانة بهن لكونهن إماء مملوكات. (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ :) الإحصان : العفة. والمسافحة : هي الزانية علانية. والمتخذة خدينا : هن الزواني سرا. والأخدان : الأخلاء في السر. نهى الله عن تزوج وتزويج الأمة إذا كانت زانية سرا أو علنا ، ولم تكن عفيفة ما دامت كذلك. (فَإِذا أُحْصِنَّ.) أي : بالتزويج. (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ.) أي : بزنا. (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ