فوائد :
١ ـ رأينا أن من جملة المحرمات ، البنات. وقد استدل جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزانى عليه بعموم قوله تعالى (وَبَناتُكُمْ) فإنها بنت فتدخل في العموم كما هو مذهب أبي حنيفة ، وما لك ، وأحمد بن حنبل. وقد حكي عن الشافعي شىء في إباحتها ، لأنها ليست بنتا شرعية ، فكما لم تدخل في قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فإنها لا ترث بالإجماع ، فكذلك لا تدخل في الآية ، والله أعلم.
٢ ـ قال بعض الفقهاء : كل ما يحرم من النسب يحرم من الرضاعة ، إلا أربع صور. وقال بعضهم : ست صور هي مذكورة في كتب الفروع ، والتحقيق أنه لا يستثنى شىء من ذلك لأنه يوجد مثل بعضها في النسب ، وبعضها إنما يحرم من جهة الصهر ، فلا يرد على القاعدة المأخوذة من نصوص الأحاديث شىء.
٣ ـ اختلف الأئمة في عدد الرضعات المحرمة : فمنهم من قال : القطرة الواحدة في سن الرضاع تحرم ، ومنهم من قال : لا تحرم أقل من خمس رضعات.
٤ ـ في الصحيحين : أن أم حبيبة قالت : يا رسول الله! انكح أختي بنت أبي سفيان. وفي لفظ لمسلم : عزة بنت أبي سفيان. قال : «أو تحبين ذلك؟». قالت نعم. لست بك بمخلية ، وأحب من شاركني في خير أختي. قال : «فإن ذلك لا يحل لي». قالت : فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة. قال : «بنت أم سلمة»؟ قالت : نعم. قال : «إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ، ما حلت لي. إنها لبنت أخي من الرضاعة ، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة ، فلا تعرضن علي بناتكن ، ولا أخواتكن». وفي رواية للبخاري : «إني لو لم أتزوج أم سلمة ، ما حلت لي». جعل في هذا الحديث مناط التحريم ، مجرد تزوجه أم سلمة. وهذا أصل للقاعدة ، أن الدخول في الأمهات يحرم البنات ، وأن العقد على البنات يحرم الأمهات. وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة ، والفقهاء السبعة ، وجمهور السلف ، والخلف.
٥ ـ قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر رحمهالله : لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وبنتها بملك اليمين. لأن الله حرم ذلك في النكاح ، قال : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ.) وملك اليمين عندهم ، تبع للنكاح ، إلا ما روي عن عمر وابن عباس. وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ، ولا من تبعهم.