دنياكم ، وأخراكم. ومن رحمته بكم أن حرم عليكم ما حرم من المحرمات ؛ لما في التحريم من مصالح لأنفسكم ، ولمحارمكم.
٧ ـ (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.) المحصنات من النساء : أي ذوات الأزواج لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج ، ثم استثنى من ذلك ذوات الأزواج إذا ملكنا هن بالسبي وأزواجهن في دار الحرب. قال النسفي : (والمعنى : وحرم عليكم نكاح المنكوحات أي : اللائي لهن أزواج ، إلا ما ملكتموهن بسبيهن فتحل الغنائم بملك اليمين بعد الاستيلاء) وبعد أن ذكر الله المحارم من النسب أو السبب قال تعالى : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ.) أي : فريضة الله عليكم أي : كتب الله عليكم فالزموا كتابه ، ولا تخرجوا عن حدوده ، والزموا شرعه ، وما فرضه. (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ.) أي : وأحل لكم ما سوى المحرمات المذكورة مما عدا من ذكرن من المحارم ، فهن حلال لكم. (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ.) أي : يبين لكم ما يحل وما يحرم لأن تبتغوا بأموالكم ما أحل الله لكم من الزوجات إلى الأربع ، أو السراري. وذكر الأموال في هذا المقام ، دليل على أن النكاح لا يكون إلا بمهر ، وأنه يجب المهر وإن لم يسم ، وأن غير المال لا يصلح مهرا ، وأن القليل لا يصلح مهرا إذ الحبة لا تعد مالا عادة. (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ.) الإحصان : هو العفة وتحصين النفس من الوقوع في الحرام ، والمسافح : الزاني من السفح : وهو صب المني في غير محله الصحيح وهو الفرج الحلال ، أي : ابتغاؤكم بأموالكم ينبغي أن يكون في حال كونكم محصنين ، لا مسافحين ، لئلا تضيعوا أموالكم فيما لا يحل. فتخسروا دينكم ودنياكم. ولا فساد أعظم من الجمع بين الخسرانين. (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.) أي : فما نكحتموه منهن فآتوهن مهورهن مقابله. إذ المهر ثواب البضع. (فَرِيضَةً.) أي : فرض ذلك فريضة. أي : فرض إيتاء المهور في مقابل النكاح فريضة. (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ.) أي : ولا إثم عليكم فيما تراضيتم به فيما تحط هي عنه من المهر ، أو تهب له من كله ، أو فيما يزيدها هو على ماتم الشروط عليه ، أو فيما يتراضيان به من مقام أو فراق بعد أن تتم الفريضة وتستقر. (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً :) عليما بما خلق عليما بما شرع لخلقه ، حكيما فيما خلق ، وشرع ، وفرض. ومن ذلك ما شرعه من عقد النكاح الذي به تحفظ الأنساب ، ويبقى النسل ، وتسعد المرأة والرجل.