وتره إلى السحر». وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ، ثم يقول : «يا نافع هل جاء السحر؟ فإذا قال : نعم ، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح».
وروى ابن جرير عن إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال : «سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول : يا رب أمرتني فأطعتك ، وهذا السحر فاغفر لي ، فنظرت ، فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه».
وروى ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : «كنا نؤمر إذا صلينا في الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة». وقال لقمان لابنه يا بني : «لا يكن الديك أكيس منك ، ينادي بالأسحار وأنت نائم». دلت الآية ودل هذا كله على فضيلة الاستغفار بالأسحار.
(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ،) أي : قال ـ وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم. وأصدق القائلين ـ : إنه المنفرد بالإلهية لجميع الخلائق ، وأن الجميع عبيده وخلقه ، وفقراء إليه ، وهو الغني عمن سواه. (وَالْمَلائِكَةُ) شهدوا بوحدانيته بما عاينوا من عظيم قدرته. (وَأُولُوا الْعِلْمِ) من الأنبياء والعلماء ، شهدوا بما شهد الله به ، بما عاينوا من آياته وآثاره. (قائِماً بِالْقِسْطِ) أي مقيما للعدل فيما يقسم من الأرزاق والآجال ، ويثيب ويعاقب ، وما يأمر به عباده من إنصاف بعضهم لبعض ، والعمل على السوية فيما بينهم فيما شرعه لهم. وهذا يؤكد ما ذكرناه أن من آثار قيوميته تعالى أن لا يترك عباده دون هداية ، ودون وحي ، ودون كتب. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) هذا تأكيد لوحدانيته. (الْعَزِيزُ) الذي لا يغالب ولا يرام جنابه. (الْحَكِيمُ) الذي لا يعدل عن الحق في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.
فوائد :
١ ـ روى الإمام أحمد عن الزبير بن العوام قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ...) وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب.» أي ويقول بعد ذكره الآية ذلك.
٢ ـ روى الطبراني ، عن غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة ، فنزلت قريبا من الأعمش ، فلما كانت ليلة أردت أن أنحدر ، قام فتهجد من الليل ، فمر بهذه الآية : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ... إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)