إن صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم. وهذا يفيد أنه لا ينبغي أن يرافق الحجر قسوة من الولي ، لما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة ، قد تبلغ حد العداء والجريمة. والمعروف هو كل ما سكنت إليه النفس لحسنه عقلا أو شرعا من قول أو عمل ، والمنكر ما أنكرته لقبحه.
فوائد :
١ ـ رأينا أكثر من مرة في هذا التفسير كيف أن معاني هذا القرآن لا تنتهي بسبب أن بعض معانيه تؤخذ من السياق الجزئي ، وبعضها من السياق العام ، وبعضها من النص الحرفي ، ويتولد عن كل من هذه معان يعضد بعضها بعضا ، بالشكل الذي لا يحيط به إلا منزله وهو الله تعالى. ويتفاوت الناس في الفهم ، وهذه الآية تصلح شاهدا على هذا كله. فمن السياق فهمنا أن المراد بالسفيه اليتيم. ومن السياق فهمنا أن الخطاب هنا للولي. ومن النص يدخل في النهي كثير ، ومن ثم قال ابن عباس وابن مسعود وكثير في قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) هم النساء والصبيان. قال أبو هريرة : هم الخدم ـ أي العبيد ـ وفسرها أبو موسى : بإعطاء المال لسفيه ، أي هبة أو صدقة.
واختلاف الأقوال مرجعها إلى دقة الملحظ ومأخذه ، والجميع داخل في الآية ، وإن كان المراد الرئيسي هو ما ذكرناه أثناء الشرح الحرفي. ولكن غيره يدخل فيه فلننتبه إليه ، كان ابن عباس يقول أخذا من الآية : «لا تعمد إلى مالك وما خولك الله ، وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك ، أو بنتك ، ثم تنظر إلى ما في أيديهم ، ولكن أمسك مالك وأصلحه ، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم».
٢ ـ بمناسبة قوله تعالى (أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) قال النسفي «وكان السلف يقولون : المال سلاح المؤمن ، ولأن أترك مالا يحاسبني الله عليه خير من أن أحتاج إلى الناس. وعن سفيان ـ وكان له بضاعة يقلبها ـ لولاها لتمندل بي بنو العباس» ونقول : هذه الآية بينت لنا أهمية المال في الحياة البشرية ، ولذلك نلاحظ الآن عالميا ، أن ميزان التقدم الذي ارتضاه العالم لنفسه ، هو مقدار التقدم الاقتصادي ، ومقدار دخل الفرد الواحد من مجموع الأمة ، ولئن كان في ذلك نوع غلو ، إلا أن الآية بينت لنا الأهمية الكبرى للمال في شؤون الحياة البشرية. ومن ثم فإن الدولة المسلمة ينبغي أن