المعنى العام :
نهى الله ـ عزوجل ـ عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها للناس قياما ، أي : تقوم بها معايشهم ، من التجارات وغيرها ، مع الأمر بالإحسان إلى من تحت الحجر بالإنفاق في الكساء والأرزاق وبالكلام الطيب وتحسين الأخلاق.
المعنى الحرفي :
(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ :) الخطاب للأولياء. وأضاف الأموال إليهم ، لأنهم يلونها ، ويمسكونها. أو الخطاب للأمة ، وإضافة الأموال إليها مع أن المال ملك للسفيه للإشعار بأن سوء تصرف الفرد في ماله ، أو حسن تصرفه فيه ، ينعكس أثره على الجميع. ومن ثم كان مال الأفراد مالا للأمة ، وهي مسئولة عن حسن تصرف كل فرد فيها بما يملك. والسفيه هنا : هو غير الرشيد في أمر المال. ويدخل فيه المبذر الذي ينفق ماله فيما لا ينبغي. ويدخل فيه العاجز عن تثميره ، والتصرف فيه ، وإصلاحه. ومن السياق مما قبل هذه الآية ، وما بعدها ، نفهم أن السفيه هنا ، هو اليتيم الذي يبلغ غير رشيد في أمر المال. ولكن يدخل معه غيره ممن هو على مثل شأنه. ومن هنا أخذ الفقهاء مبدأ الحجر ، والحجر تارة يكون للصغر ، فإن الصغير يكون مسلوب العبارة. وتارة يكون للجنون. وتارة يكون لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين. وتارة يكون للإفلاس. وهو ما إذا أحاطت الديون برجل ، وضاق ماله عن وفائها ، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه. (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً.) أي : قواما لأبدانكم ، ومعاشا لأهلكم وأولادكم. فالمال به قيام الحياة البشرية. وإذا كان المال له مثل هذه الأهمية في الحياة البشرية ، فينبغي عدم التفريط فيه. ولو بتسليم المال إلى غير صاحبه إذا كان صاحبه ليس رشيدا في أمر التصرف فيه. قال ابن كثير في تفسير (قِياماً.) (أي : تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها). (وَارْزُقُوهُمْ فِيها.) أي : وارزقوا السفهاء في هذه الأموال ، بأن تتجروا فيها وتشغلوها. فيكون لهم رزق من ذلك. قال النسفي : (واجعلوها مكانا لرزقهم ، بأن تتجروا فيها وتربحوا حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال فيأكلها الإنفاق ، فما أعظم هذا القرآن ، إذ بهذا التعبير القصير أمرنا بالإنفاق عليهم ، وأمرنا بتثمير مالهم لهم (وَاكْسُوهُمْ) الأمر بالكساء هنا دل على أن الأمر السابق فيه تضمن الإطعام والإنفاق. (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً.) أي : وعدوهم عدة جميلة ، كالقول لهم :