بالتوفيق ، والتثبيت ، والرعاية ، ثم النجاة ، والجنة (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) أي : إنك الكثير الهبات ، وهذا دعاء ثان لأن الثناء على الله دعاء له (رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) أي يا ربنا إنك ستجمع بين خلقك يوم معادهم ، وتفصل بينهم ، وتحكم فيهم فيما اختلفوا فيه ، وتجزي كلا بعمله في يوم لا شك فيه (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) أي لا تخلف الموعد ـ وفي قولهم إنك لا تخلف الميعاد ثناء على الله ، واعتراف له بالإلهية لأن الإلهية تنافي خلف الوعد.
فوائد :
١ ـ فائدة إنزال المتشابه الابتلاء به ، والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه ، ولقصور الكثير من الخلق عن كثير من المعاني ، ولقصور كثير من العصور عن علوم لم يصلوا فيها إلى يقين ؛ كان في هذا القرآن متشابه ، ثم ليتعب العلماء قرائحهم في استخراج معانيه ، ورده إلي المحكم ، وليعلم فضل أهل الفضل ، ولترتفع درجات من أراد الله أن يرفع درجاته بالعلم ، وليعرف الخلق قصور أفهامهم عن الإحاطة بكتاب الله ، وليبقى ـ دائما ـ في هذا القرآن ما ترتفع إليه الهمم.
٢ ـ قال عليهالسلام ـ بعد أن تلا آية (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ ...) : «إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم» رواه أحمد وفي رواية البخاري ومسلم وأبي داود : «فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم». ويدخل في هؤلاء كل الفرق الضالة ـ وما أكثرها ـ قال عليه الصلاة والسلام «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة. قالوا : وما هم يا رسول الله؟ قال : من كان على ما أنا عليه وأصحابي» رواه الحاكم. ولذلك فإن علينا أن نعرف عقائد أهل السنة والجماعة. وأن نتمسك بالكتاب والسنة فهما صحيحا ، وعملا مستقيما.
٣ ـ قال نافع بن يزيد واصفا سمت الراسخين في العلم قال : يقال : الراسخون في العلم المتواضعون لله المتذللون في مرضاته ، لا يتعاظمون على من فوقهم ، ولا يحقرون من دونهم. وقد ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصف للراسخين في العلم هو : «من برت يمينه ، وصدق لسانه ، واستقام قلبه ، ومن عف بطنه وفرجه ، فذلك من الراسخين في العلم». ولنا عودة على هذا الموضوع.