الألوهية. والسلطان في الآية : الحجة ، ولا تعني الآية أن للشرك حجة إلا أنها لم تنزل عليهم ، لأن الشرك لا يستقيم أن تقوم عليه حجة ، وإنما المراد نفي الحجة ، ونزولها جميعا ، ومن الآية نعلم أن هذا الوعد من الله لنا بسبب إيماننا ، وكفر غيرنا ، فإذا جمعنا وإياهم الكفر ـ والعياذ بالله ـ لم يبق وعد.
وههنا ملاحظة ، لطيفة وهي أن هذا الوعد جاء بعد النهي عن طاعة الكافرين ، وترتيب الردة على هذه الطاعة ، مما يدل على أن هذا الوعد لا يكون لنا إذا أعطينا طاعتنا للكافرين ؛ لما يترتب على ذلك من ردة ، وانظر واقعنا الحالي إذ ارتد من ارتد منا ؛ بسبب إعطائه الطاعة للكافرين ، وانظر جرأة اليهود ، وغيرهم من الكافرين علينا ، وخذلاننا بسبب من ذلك.
وبعد أن بين الله ـ عزوجل ـ أنه سيلقي الرعب في قلوب الكافرين ، بين جزاءهم الأخروي فقال : (وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ.) هذا ما ادخره الله للكافرين في الآخرة ، من العذاب ، والنكال ، أن النار مقرهم ومرجعهم ، وبئس هذا المقر للظالمين. دل أن الكفر ظلم بل هو أعظم الظلم ، وأي ظلم أكبر من ظلم الله الخالق المنعم ، ومن ثم استحق الكافر الخلود الأبدي في سجن جهنم.
فوائد :
١ ـ ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
«أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة».
٢ ـ يقول صاحب الظلال في الآية التي بدأ بها القسم : «يحذر الله الذين آمنوا أن يطيعوا الذين كفروا ، فطاعة الذين كفروا عاقبتها الخسارة المؤكدة ، وليس فيها ربح ولا منفعة. فيها الانقلاب على الأعقاب بعد الكفر. فالمؤمن إما أن يمضي في طريقه يجاهد الكفر والكفار ، ويكافح الباطل والمبطلين ، وإما أن يرتد على عقبيه كافرا ـ والعياذ بالله ـ ومحال أن يقف سلبيا بين بين ، محافظا على موقفه ، ومحتفظا بدينه .. إنه قد يخيل إليه هذا .. يخيل إليه في أعقاب الهزيمة ، وتحت وطأة الجرح والقرح ، أنه مستطيع أن ينسحب من المعركة مع الأقوياء الغالبين ، وأن يسالمهم ويطيعهم ، وهو مع هذا محتفظ بدينه ،