أن مقتضى ما في الآيات أن الجنة لا تكون جزاء للمصر ؛ وكذلك المغفرة ، أما نفي التفضل بهما فلا.
ز ـ وفي أسباب نزول الآية (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً ....)
يقول الألوسي :
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه ذكر عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حال بني إسرائيل فنزلت هذه الآية ولم يذكر صدر الآية.
وفي رواية الكلبي «أن رجلين أنصاريا ، وثقفيا آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهما ، فكانا لا يفترقان ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض مغازيه ، وخرج معه الثقفي ، وخلف الأنصاري في أهله وحاجته ، فكان يتعهد أهل الثقفي ، فأقبل ذات يوم فأبصر امرأة صاحبه ، وقد اغتسلت ، وهي ناشرة شعرها ، فوقعت في نفسه ، فدخل ولم يستأذن حتى انتهى إليها ، فذهب ليلثمها فوضعت كفها على وجهها ، فقبل ظاهر كفها ، ثم ندم واستحيا ، فأدبر راجعا فقالت : سبحان الله تعالى ، خنت أمانتك ، وعصيت ربك ، ولم تصل إلى حاجتك قال : وندم على صنيعه ؛ فخرج يسيح في الجبال ، ويتوب إلى الله من ذنبه ، حتى وافى الثقفي ، فأخبرته أهله بفعله ، فخرج يطلبه حتى دل عليه فوافقه ساجدا وهو يقول : رب ذنبي ذنبي قد خنت أخي فقال له : قم يا فلان فانطلق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاسأله عن ذنبك ، لعل الله تعالى أن يجعل لك فرجا وتوبة ، فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة ، وكان ذات يوم عند صلاة العصر فنزل جبريل عليهالسلام بتوبته فتلا (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا) إلى قوله سبحانه وتعالى : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) فقال عمر رضي الله تعالى عنه : يا رسول الله ألهذا الرجل خاصة أم للناس عامة؟ فقال عليه الصلاة والسلام : «بل للناس عامة».
وفي رواية عطاء عن ابن عباس ، أن تيهان التمار أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا ، فضمها إلى نفسه وقبلها ثم ندم على ذلك ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم وذكر ذلك له فنزلت هذه الآية. «وأنت تعلم أنه لا مانع من تعدد سبب النزول».
ولننتقل الآن إلى الفقرة الثانية في هذا المقطع ، وقد رأينا صلتها بما قبلها ، ومحلها في السياق القرآني العام ، ومناسبة النزول هي وقعة أحد.
(وَلا تَهِنُوا) أي : ولا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم أو يصيبكم (وَلا