قال عبد الله الفقير إليه : وأنا أعوذ بهما وبجميع كلمات الله الكاملة التامّة ، وألوذ بكنف رحمته الشاملة العامّة ، من كل ما يكلم الدين ، ويثلم اليقين ، أو يعود في العاقبة بالندم ، أو يقدح في الإيمان المسوط باللحم والدم (١) ، وأسأله بخضوع العنق وخشوع البصر ، ووضع الخدّ لجلاله الأعظم الأكبر ، مستشفعا إليه بنوره الذي هو الشيبة في الإسلام ، متوسلا بالتوبة الممحصة للآثام ، وبما عنيت به من مهاجرتى إليه ومجاورتي ، ومرابطتى بمكة ومصابرتى ، على تواكل من القوى ، وتخاذل من الخطا ، ثم أسأله بحق صراطه المستقيم ، وقرآنه المجيد الكريم ، وبما لقيت من كدح اليمين وعرق الجبين ، في عمل الكشاف عن حقائقه ، المخلص عن مضايقه ، المطلع على غوامضه ، المثبت في مداحضه. الملخص لنكته ولطائف نظمه ، المنقر عن فقره وجواهر علمه ، المكتنز بالفوائد المفتنة التي لا توجد إلا فيه ، المحيط بما لا يكتنه من بدع ألفاظه (٢) ومعانيه ، مع الإيجاز الحاذف للفضول ، وتجنب المستكره المملول ، ولو لم يكن في مضمونه إلا إيراد كل شيء على قانونه ، لكفى به ضالة ينشدها محققة الأحبار ، وجوهرة يتمنى العثور عليها غاصة البحار ، وبما شرفني به ومجدنى ، واختصني بكرامته وتوحدني : من ارتفاعه على يدي في مهبط بشاراته ونذره ، ومتنزل آياته وسوره ، من البلد الأمين بين ظهراني الحرم ، وبين يدي البيت المحرم ، حتى وقع التأويل ، حيث وجد التنزيل : أن يهب لي خاتمة الخير ، ويقينى مصارع السوء ، ويتجاوز عن فرطاتى يوم التناد ، ولا يفضحني بها على رؤس الأشهاد ، ويحلني دار المقامة من فضله ، بواسع طوله وسابغ نوله ، إنه الجواد الكريم ، الرؤوف الرحيم.
(في نسخة ما نصه :)
في أصل المصنف بخطه رحمه الله تعالى : وهذه النسخة هي نسخة الأصل الأولى التي نقلت من السواد ، وهي أم الكشاف الحرمية المباركة المتمسح بها ، المحقوقة أن تستنزل بها بركات السماء ويستمطر بها في السنة الشهباء ، فرغت منها يد المصنف تجاه الكعبة في جناح داره السليمانية ، التي على باب أجياد الموسومة بمدرسة العلامة : ضحوة يوم الاثنين لثالث والعشرين من ربيع الآخر في عام ثمانية وعشرين وخمسمائة ، وهو حامد لله على باهر كرمه ، ومصل على عبده ورسوله ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
__________________
(١) قوله «المسوط باللحم والدم» أى : المخلوط. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) قوله «من بدع ألفاظه» في الصحاح «شيء بدع» بالكسر : أى مبتدع. وفلان بدع في هذا الأمر ، أى: بديع (ع)