النجاشي الذي كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة ، وقيل : بثلاث وعشرين سنة (١). وعن عائشة رضى الله عنها : رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان. وفيه أن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير ، فخرج إليه فيها ، فجهره (٢) وكان رجلا جسيما وسيما. وقيل : هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رؤوس الجبال ، فلما ذكر حاجته قال : سقطت من عينى ، جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم في قديم الدهر ، فألهاك عنه ذود أخذ لك ، فقال أنا رب الإبل ، وللبيت رب سيمنعه ، ثم رجع وأتى باب البيت فأخذ بحلقته وهو يقول :
لاهمّ إنّ المرء يمنع |
|
أهله فامنع حلالك |
لا يغلبنّ صليبهم |
|
ومحالهم عدوا محالك |
إن كنت تاركهم وكعبتنا |
|
فأمر ما بدا لك (٣) |
__________________
(١) قوله «بأربعين سنة ، وقيل بثلاث وعشرين» لعله وكان قبله بأربعين سنة. وفي الخازن : اختلفوا في عام الفيل ، فقيل : كان قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة اه. (ع)
(٢) قوله «فجهره» في القاموس «جهر الرجل» : عظم في عينه وراعه جماله ، كأجهره انتهى. (ع)
(٣) لاهم إن المرء يمنع |
|
أهله فامنع حلالك |
وانصر على آل الصليب |
|
وعابديه اليوم آلك |
لا يغلبن صليبهم |
|
ومحالهم عدوا محالك |
جروا جميع بلادهم |
|
والفيل كى يسبوا عيالك |
عمدوا حماك بكيدهم |
|
جهلا وما رقبوا جلالك |
إن كنت تاركهم وكعبتنا |
|
فأمر ما بدا لك |
لعبد المطلب حين أراد أبرهة بن الصباح هدم الكعبة وأغار على مائتي بعير له ، فخرج إليه عبد المطلب في طلب الإبل ، وقد قيل لأبرهة : إنه سيد قريش ، يطعم الناس في السهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، فلما طلب الإبل قال له : سقطت من عيني ، جئت لأهدم ـ شرفكم فألهاك عنه طلب المال ، فقال : أنا رب الإبل ، وللبيت رب يحميه ، ثم رجع وأخذ بحلقة الباب وقال ذلك. ولاهم : أصله اللهم ، فخفف. إن المرء يمنع ، أى : يحفظ أهله ، وأنت الله فاحفظ حلالك ، أى : سكان حرمك الذين حلوا فيه. يقال : حى حلال ، أى : نزول ، وفيهم كثرة. أو الذين هم في حل منك. ويجوز على بعد أنه أطلق الحلال على البيت ، أو أهله على سبيل المشاكلة التقديرية للأهل ، على أن معناه الزوجة. وروى : إن المرء يمنع حله فامنع حلالك. والحل والحلال : ما يحل التصرف فيه. وروى : إن العبد يمنع وحله فامنع وحالك ، وهو يؤيد الأول. والآل لا يضاف إلا لذي شرف ، فاضافته للصليب ليشاكل ما بعده. أو على زعمهم أنه ذو شرف. وعابديه : جمع مضاف الضمير إضافة الوصف لمفعوله. واليوم : ظرف النصر. والمحال : مصدر ماحله إذا كايده يمكروه. والعدو : العدوان والظلم : وهو نصب على التمييز. أو على المفعول المطلق. ويروى : غدوا ، أى : في الغد ، فهو ظرف. ويروى : أبدا. ويروى : جموع ، بدل جميع ، وكان معهم اثنا عشر فيلا فيها فيل جسيم عظيم اسمه محمود ، فمراده بالفيل : الجنس ، أو المعهود. والعيال : مفرده ـ