أو : وهو مؤمن شاهد على صحته وأنه وحى من الله ، أو وهو بعض الشهداء في قوله تعالى (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) وعن قتادة وهو شاهد على صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده وقرأ السدى وجماعة : ألقى السمع ، على البناء للمفعول. ومعناه : لمن ألقى غيره السمع وفتح له أذنه فحسب ولم يحضر ذهنه وهو حاضر الذهن متفطن. وقيل : ألقى سمعه أو السمع منه.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ)(٣٨)
اللغوب : الإعياء. وقرئ بالفتح بزنة القبول والولوع. قيل : نزلت في اليهود لعنت تكذيبا لقولهم : خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام أوّلها الأحد وآخرها الجمعة ، واستراح يوم السبت واستلقى على العرش. وقالوا : إنّ الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ.
(فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ)(٤٣)
(فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أى اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه. وقيل : فاصبر على ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإنّ من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم. وقيل : هي منسوخة بآية السيف. وقيل : الصبر مأمور به في كل حال (بِحَمْدِ رَبِّكَ) حامدا ربك ، والتسبيح محمول على ظاهره أو على الصلاة ، فالصلاة (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) الفجر (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) الظهر والعصر (وَمِنَ اللَّيْلِ) العشا آن. وقيل التهجد (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) التسبيح في آثار الصلوات ، والسجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة. وقيل النوافل بعد المكتوبات. وعن على رضى الله عنه : الركعتان بعد المغرب. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «من صلى بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين» (١) وعن ابن عباس رضى الله
__________________
ـ هناك لسقى زروعه. لما كان قلبه غير متعلق إلا بذلك المكان ، كان جسمه كأنه هناك ، ولقد ترقى في التشبيه حيث شبهه بمن خلط الهوى بغيره تشبيها بليغا. ثم بمن تهيأ للرحيل على سبيل التمثيل ، ثم بمن سافر بالفعل ووصل مقصده واشتغل بما فيه تشبيها بليغا ، فلله دره بليغا.
(١) أخرجه ابن أبى شيبة وعبد الرزاق من رواية عبد العزيز بن عمر : سمعت مكحولا يقول : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من صلى ركعتين بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبتا ـ أو قال رفعتا ـ في عليين» هذا