شرب جميع من كان معه ، وقيل : فجاش الماء حتى امتلأت ولم ينفد ماؤها (١) بعد ـ وقيل : هو فتح خيبر ، وقيل : فتح الروم. وقيل : فتح الله له بالإسلام والنبوّة والدعوة بالحجة والسيف ، ولا فتح أبين منه وأعظم ، وهو رأس الفتوح كلها ، إذ لا فتح من فتوح الإسلام إلا وهو تحته ومتشعب منه. وقيل : معناه قضينا لك قضاء بينا على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل ؛ لتطوفوا بالبيت : من الفتاحة وهي الحكومة ، وكذا عن قتادة (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) يريد : جميع ما فرط منك. وعن مقاتل : ما تقدم في الجاهلية وما بعدها. وقيل : ما تقدم من حديث مارية وما تأخر من امرأة زيد (نَصْراً عَزِيزاً) فيه عز ومنعة ـ أو وصف بصفة المنصور إسنادا مجازيا أو عزيزا صاحبه.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(٧)
(السَّكِينَةَ) السكون كالبهيتة للبهتان ، أى : أنزل الله في قلوبهم السكون والطمأنينة بسبب
__________________
(١) متفق عليه. من حديث البراء مطولا باللفظ الأول. ولمسلم من حديث سلمة بن الأكوع. قال «قدمنا المدينة ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها. فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنب الركية فاما دعا وإما بصق ، قال فجاشت. فسقينا واستقينا. وعند البخاري في الحديث الطويل عن المسور بن مخرمة ومروان : فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء. فلم يلبث الناس أن سرحوه. وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه. فو الله ما زال يجيش لهم بالري ولا مخالفة في هذا لحديث البراء. لما رواه الواقدي من طريق عطاء بن أبى مروان. عن أبيه. حدثني أربعة عشر رجلا من أسلم صحابة. أن ناجية بن الأعجم. قال «دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم. حين شكا إليه من قلة الماء فدفع إلى سهما من كنانته وأمر بدلو من مائها. فمضمض فاه منه ثم مجه في الدلو. وقال لي : انزل الماء فصبه في البئر وفتحت الماء بالسهم. ففعلت. فو الذي بعثه بالحق. ما كدت أخرج حتى كاد يغمرنى». وروى أيضا من حديث قتادة. قال : لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل. فنزل بالسهم وتوضأ. ومج فاه منه ، ثم رده في البئر : جاشت بالرواء.