إلا أن يتأول المن والفداء بما ذكرنا من التأويل (ذلِكَ) أى الأمر ذلك ، أو افعلوا ذلك (لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) لانتقم منهم ببعض أسباب الهلك : من خسف ، أو رجفة ، أو حاصب ، أو غرق. أو موت جارف ، (وَلكِنْ) أمركم بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين : أن يجاهدوا ويصبروا حتى يستوجبوا الثواب العظيم ، والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض ما وجب لهم من العذاب. وقرئ : قتلوا ، بالتخفيف والتشديد : وقتلوا. وقاتلوا. وقرئ : فلن يضل أعمالهم ، وتضل أعمالهم : على البناء للمفعول. ويضل أعمالهم من ضل. وعن قتادة : أنها نزلت في يوم أحد (عَرَّفَها لَهُمْ) أعلمها لهم وبينها بما يعلم به كل أحد منزلته ودرجته من الجنة. قال مجاهد : يهتدى أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطئون ، كأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها. وعن مقاتل : إن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشى بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله. أو طيبها لهم ، من العرف : وهو طيب الرائحة. وفي كلام بعضهم : عزف كنوح القمارى (١) ، وعرف كفوح القمارى. أو حددها لهم ، فجنة كل أحد محدودة مفرزة عن غيرها ، من : عرف الدار وارفها. والعرف والارف ، الحدود.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)(٧)
(إِنْ تَنْصُرُوا) دين (اللهَ) ورسوله (يَنْصُرْكُمْ) على عدوكم ويفتح لكم (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) في مواطن الحرب أو على محجة الإسلام.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ)(٩)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) يحتمل الرفع على الابتداء والنصب بما يفسره (فَتَعْساً لَهُمْ) كأنه قال : أتعس الذين كفروا. فإن قلت : علام عطف قوله (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)؟ قلت : على الفعل الذي نصب تعسا ، لأنّ المعنى فقال : تعسا لهم ، أو فقضى تعسا لهم. وتعسا له : نقيض «لعاله» قال الأعشى :
فالتّعس أولى لها من أن أقول لعا (٢)
__________________
(١) قوله «عزف كنوح القمارى» العزف : الغناء. والقمارى : جمع قمرى ، اسم طير. والعود القمارى : منسوب إلى موضع ببلاد الهند. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) وبلدة يرهب الجواب دلجتها |
|
حتى تراه عليها يبتغى الشيما |
كلفت مجهولها نفسي وشايعنى |
|
همى عليها إذا ما آلها لمعا |