قوله (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) أى ذو شورى ، وكذلك قولهم : ترك رسول الله صلى الله عليه
وسلم وعمر بن الخطاب رضى الله عنه الخلافة شورى.
(وَالَّذِينَ إِذا
أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)(٣٩)
هو أن يقتصروا في
الانتصار على ما جعله الله لهم ولا يعتدوا. وعن النخعي أنه كان إذا قرأها قال :
كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق. فإن قلت : أهم محمودون على
الانتصار؟ قلت : نعم ، لأنّ من أخذ حقه غير متعد حدّ الله وما أمر به فلم يسرف في
القتل إن كان ولى دم أورد على سفيه ، محاماة على عرضه وردعا له ، فهو مطيع. وكل
مطيع محمود.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا
يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٤٠)
كلتا الفعلتين
الأولى وجزاؤها سيئة ، لأنها تسوء من تنزل به. قال الله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا
هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) : يريد ما يسوءهم من المصائب والبلايا. والمعنى : أنه يجب
إذا قوبلت الإساءة أن تقابل بمثلها من غير زيادة ، فإذا قال أخزاك الله قال :
أخزاك الله (فَمَنْ عَفا
وَأَصْلَحَ) بينه وبين خصمه بالعفو والإغضاء ، كما قال تعالى (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ، (فَأَجْرُهُ عَلَى
اللهِ) عدة مبهمة لا يقاس أمرها في العظم. وقوله (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) دلالة على أن الانتصار لا يكاد يؤمن فيه تجاوز السيئة والاعتداء خصوصا في حال الحرد والتهاب الحمية فربما كان المجازى من الظالمين وهو لا
يشعر. وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : من كان له
على الله أجر فليقم. قال : فيقوم خلق ، فيقال لهم : ما أجركم على الله؟ فيقولون :
نحن الذين عفونا عمن ظلمنا ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة بإذن الله .
__________________