الدنيا وما فيها بهذه الآية» فقال رجل : يا رسول الله ، ومن أشرك؟ فسكت ساعة ثم قال: «ألا ومن أشرك» (١) ثلاث مرّات.
(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٥٩)
(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ) وتوبوا إليه (وَأَسْلِمُوا لَهُ) وأخلصوا له العمل ، وإنما ذكر الإنابة على أثر المغفرة لئلا يطمع طامع في حصولها بغير توبة ، وللدلالة على أنها شرط فيها لازم لا تحصل بدونه (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) مثل قوله (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ). (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أى يفجؤكم وأنتم غافلون ، كأنكم لا تخشون شيئا لفرط غفلتكم وسهوكم (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) كراهة أن تقوّل. فإن قلت : لم نكرت؟ قلت : لأنّ المراد بها بعض الأنفس ، وهي نفس الكافر. ويجوز أن يراد : نفس متميزة من الأنفس : إما بلجاج في الكفر شديد. أو بعذاب عظيم. ويجوز أن يراد التكسير ، كما قال الأعشى :
وربّ بقيع لو هتفت بحوه |
|
أتانى كريم ينفض الرّأس مغضبا (٢) |
__________________
(١) أخرجه الطبري والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب في السابع والأربعين من حديث ثوبان. وفيه ابن لهيعة عن أبى قبيل وهما ضعيفان.
(٢) دعا قومه حولي فجاءوا لنصره |
|
وناديت قوما بالمسناة غيبا |
ورب بقيع لو هتفت بحوه |
|
أتانى كريم ينفض الرأس مغضبا |
للأعشى وقيل : لأبى عمرو بن العلاء ، يصف قومه بالجبن حتى كأنهم أموات مقبورون ، صارت الأحجار مسناة فوقهم. وسنيت الشيء سهلته ، أى : منعمة مملسة. أو بالية مفتتة. ويجوز أن أصله مسننة ، فقلبت النون الثانية ألفا. وسننت الحجر حددته وملسته. وفي وصف القبور بذلك مبالغة في وصف قومه بالجبن ، بل هم دون تلك ـ