(بِالْبَيِّناتِ) بالشواهد على صحة النبوّة وهي المعجزات (وَبِالزُّبُرِ) وبالصحف (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) نحو التوراة والإنجيل والزبور. لما كانت هذه الأشياء في جنسهم أسند المجيء بها إليهم إسنادا مطلقا ، وإن كان بعضها في جميعهم : وهي البينات ، وبعضها في بعضهم : وهي الزبر والكتاب. وفيه مسلاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)(٢٨)
(أَلْوانُها) أجناسها من الرّمان والتفاح والتين والعنب وغيرها مما لا يحصر أو هيئاتها من الحمرة والصفرة والخضرة ونحوها. والجدد : الخطط والطرائق. قال لبيد :
أو مذهب جدد على ألواحه
ويقال : جدة الحمار للخطة السوداء على ظهره ، وقد يكون للظبي جدتان مسكيتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه (وَغَرابِيبُ) معطوف على بيض أو على جدد ، كأنه قيل : ومن الجبال مخطط ذو جدد ، ومنها ما هو على لون واحد غرابيب (١). وعن عكرمة رضى الله عنه : هي الجبال الطوال السود. فإن قلت : الغربيب تأكيد للأسود. يقال : أسود غربيب ، وأسود حلكوك : وهو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه. ومنه الغراب. ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد كقولك : أصفر فاقع ، وأبيض يقق (٢) وما أشبه ذلك. قلت : وجهه أن يضمر المؤكد قبله ويكون الذي بعده تفسيرا لما أضمر ، كقول النابغة :
والمؤمن العائذات الطّير (٣) ...
__________________
(١) قوله «ما هو على لون واحد غرابيب» لعله. غربيب. (ع)
(٢) قوله «وأبيض يقق» بفتح القاف الأولى ، وحكى كسرها. أفاده الصحاح. (ع)
(٣) فلا لعمر الذي طيفت بكعبته |
|
وما هريق على الأنصاب من جسد |
والمؤمن العائذات الطير يرقبها |
|
ركبان مكة بين القيل والسند |
ما إن أتيت بشيء أنت نكرهه |
|
إذا فلا رفعت سوطى إلى يدي |
للنابغة ، يعتذر للنعمان بن المنذر ، ولا زائدة قبل القسم ، لأنه في الغالب لنفى دعوى الخصم. والعمر : الحياة ، وهو مبتدأ حذف خبره وجوبا ، وطاف به يطيف طيفا. أتى عليه ونزل به ، وطاف به يطوف طوافا وطوفانا ، ـ