والثانى : أن تكون «ما» بمعنى «الّذى» وقد حذف أحد جزأى الصلة ، أى : الذى هو بعوضة ، وهو مذهب قليل ، شاذ فى الاستعمال ، والقياس ويقرأ ـ بالجرّ ـ وفيه وجهان :
أحدهما : هو مجرور على تقدير : ما بين بعوضة ، فحذف المضاف ، وأبقى عمله.
وحكى الفراء : «مطرنا ما الثّعلبيّة ، فزبالة» أي : ما بين (١).
والثانى : أنه حمل الجر على ما يكون فى نظائره ، فكأنه قال : لا يستحيى من ضرب مثل : بعوضة ، فهو بدل مما يجوز فى المبدل ، وهذا نظير قول الشاعر (٢) :
مشائيم ، ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلا ببين غرابها |
فجر على توهم الباء ؛ لأنها يكثر وقوعها هاهنا.
٤٥ ـ قوله تعالي : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ، وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) :
يقرأ ـ بالرّفع ـ يضل به كثير ، ويهدى به كثير فيهما ، على ما لم يسمّ فاعله ، و «كثير» مرفوع ؛ لقيامه مقام الفاعل ، وكذلك : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) [البقرة : ٢٦].
ويقرأ «وما يضلّ به إلّا» على تسمية الفاعل ، و «الفاسقون» ـ بالرفع ـ على أنه الفاعل.
__________________
(١) حكى الكسائى عن العرب : «مطرنا» ما زبالة فالثعلبية» و «ما» منصوبة بمطرنا» ١ / ١٢٢ البحر.
(٢) الشاعر : الأحوص الرباحى ، أو الفرزدق ، واستشهد به سيبويه مرتين فى ١ / ٨٣ ، وفى ١ / ١٥٤ والاستشهاد هو المراد هنا ، ويقول سيبويه : وحملوه على ليسوا بمصلحين ، ولست بمدرك ...» ١ / ١٥٤ ، ١٥٥ الكتاب.
ويقول ابن يعيش : لما كثر استعمال الباء فى خبر «ليس» توهم وجودها ، فخفض بالعطف على تقدير وجودها ، وإن لم تكن موجودة» ٢ / ٥٢ شرح المفصل ...