«.. ذهب بصره فى صغره بالجدرىّ. (١)»
ولما كان البصر المقدّم من الحواس ، التى هى منافذ على العالم الخارجى ، وكان فقده أليما ، فقد عوّضه الله (عزوجل) البصيرة النافذة ، والعقل الرصين ، والحكمة ، وفصل الخطاب ، وشرح صدره ؛ ليتسع للعلوم ، والمعارف ، ويعيها ، ويقدمها لمن بعده ، فكان كالنحل يجمع الرّحيق ، ويحوله إلى شراب ، مختلف ألوانه فيه شفاء للناس وكان مظهرا من مظاهر القدرة لرب يهب ما يشاء لمن يشاء.
أخلاقه ، وأجل صفاته ، وثناء العلماء عليه :
يقول الإمام السيوطى :
«وكان ثقة ، صدوقا ، غزير الفضل ، كامل الأوصاف ، كثير المحفوظ ، ديّنا ، حسن الأخلاق ، متواضعا ، وله تردّد إلى الرؤساء ؛ لتعليم الأدب ..» (٢).
ويقول ابن العماد الحنبلى :
«وكان متدينا ، قرأت عليه كتاب الفصيح لثعلب من حفظى ...
وكان حسن الأخلاق ، متواضعا ، كثير المحفوظ ، محبّا للاشتغال ، والإشغال ليلا ، ونهارا ، ما تمضى عليه ساعة بلا اشتغال ، أو إشغال ، حتى إن زوجته تقرأ له بالليل كتب الأدب ، وغيرها ...» (٣).
طريقته فى التحصيل ، والتأليف :
يقول القفطىّ :
«وكان (رحمهالله) إذا أراد التصنيف أحضرت له المصنفات فى هذا الفنّ ، وقرئ عليه منها ، فإذا حصله فى خاطره أملاه ، فكان يخل بكثير من المحتاج إليه. وما أحسن ما وصفه بعض الأدباء! فقال : أبو البقاء تلميذ تلاميذه ،
__________________
(١) ٣ / ٦٧ شذرات الذهب ...
(٢) ٢ / ٣٩ بغية الوعاة ..
(٣) ٣ / ٦٨ شذرات الذهب ...