إرجاعها إلى الحكم والفوائد المتصورة ، كما ستعرف ، وإلا فلا يمكن القول بأنها معان لها.
والحق بأنها بحسب المعنى من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها لنفسه ، كما تقدم فلا يلزم على العباد الفحص عن حقيقتها وبذل الجهد في دركها وفهمها ، بل لا بد من إيكال الأمر إليه تعالى ، وقد وردت في ذلك روايات كثيرة عن نبينا الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الهداة عليهمالسلام ، نعم يمكن أن يلتمس لتلك الحروف حكم وفوائد. منها أن استعمال الرموز بالحروف المقطعة كان شائعا عند العرب ، وقد يعد ذلك من علم المتكلم وحكمته ، والقرآن الكريم لم يتعدّ عن هذا المألوف فأشار بذكرها إلى أن القرآن الكريم هو من هذه الحروف وجامع لما هو المتعارف لديكم ، ومع ذلك فقد أبدع إبداعا عجزت العقول من جمال لفظه فضلا عن كمال معناه.
ومنها أنها ذكرت لأجل جلب استماع المخاطبين فإنهم إذا سمعوها تنبهوا لاستماع البقية ، فهي تشويق وتنبيه لاستعداد تفهم شيء جديد.
ومنها إرشاد الناس إلى أن وراء كل ظاهر باطن فلا يكتفى بالجمود على الظاهر ، بل لا بد من التأمل في بطون الكلمات القرآنية لأن في كل كلمة من كلمات القرآن بانفرادها دقيقة ، كما أن في سائر جهاتها دقائق ولطائف. ومنها أنها تشير إلى بعض الحقائق ورموز إلى بعض العلوم التي سترها الله تعالى عن العباد ، لما رآه من المصالح حتى يظهر أهلها فيستفيد منها وتكون لغيره من مخفيات الكنوز ، فلها ربط بعلم الحروف ، ومقتضى الأخبار الكثيرة أن عند الأئمة الهداة شيء كثير منه وهو مما اختصهم الله تعالى به ، فعلم فواتح السور من الأسرار المودعة لدى الإمام عليهالسلام ويرشد إلى ذلك ما يستفاد من مواظبة الأئمة الهداة عليهمالسلام في حالاتهم الانقطاعية مع