٧ ـ قبس من أسرار الحروف لدى الإمام السيد السبزواري
قال المرجع الديني الكبير ، الحجة الإمام السيد عبد الأعلى السبزواري الموسوي في تفسيره القيّم «مواهب الرحمن في تفسير القرآن» ص ٥٧ وما بعدها من المجلد الأول. قال في تفسير قوله تعالى (الم) : المعروف بين المفسرين أن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية من المتشابهات ، ولا ريب في أن العلم بها مختص بالله تبارك وتعالى ، أو بمن علمه عزوجل ، لأن هذه الكلمات المقطعة قد أعيت العلماء على جهدهم عن الوصول إلى آثارها فضلا عن العلم بكيفية تركيبها والاطلاع على حقائقها وأسرارها. والظاهر أن ذكر الحروف المقطعة في القرآن العظيم يشير إلى أهمية الحروف الهجائية وكثرة عناية الله عزوجل بها ، لأنها محور الشرائع السماوية والكتب الإلهية ، بل بها تقوم الحياة الاجتماعية في الإنسان ، ولأجل ذلك جعل تعالى البيان [أي النطق بها] في قبال خلق الإنسان ، فقال تبارك وتعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [الرحمن : ٤]. وعلى هذا يمكن أن يكون ذلك الكتاب مبتدأ مؤخرا و «الم» خبرا مقدما. يعني أن ذلك الكتاب العظيم هو هذه الحروف الهجائية التي تنطقون بها ، ولكنه بحسب العظم والجمال والكمال والمعارف شيء خارج عن مقدوركم ويكون في عالم الغيب وقد ظهر إلى عالم الشهادة مقرونا بالتحدي والتعجيز وإتماما للحجة ، فكما أتم الله الحجة عليهم بمن هو من أنفسهم ، أتم الحجة عليهم أيضا بما هو من ألفاظهم.