ولطائفها في الروح ، وصورها في النفس ، وانتقاشها في القلب ، وقوتها الناطقة في اللسان ، وسرها المشكل في الأسماع ، ولما كان المخاطب الأول هو المخترع الأول ، وهو العقل النوراني ، كان خطاب الحق له بما فيه من معاني الحروف ، ومجموع هذه الحروف في سر العقل كان «الفا واحدا» لأنه بالقوة الحقيقية مجموع الحروف ، وهو الذي سمع أسرار العلوم بحقيقة هذه الحروف قبل سائر الأشياء والعقل هو صاحب الزمر والإشارة والحقيقة والإيماء والإدراك ، والحروف في لطيفة الروح شكل الضلعين من أضلاع المثلث المتساوي الأضلاع ، ضلع قائم وآخر مبسوط على هذه الصورة ، والقائم ضلع الألف ، والمبسوط ضلع الباء ، وإنما قلنا بأن الحروف في لطيفة الروح شكل ضلعين ، لأن فيض الأنوار البسيطة التي في العقل بالفعل هي في الروح بالقوة فاتفقا في جود الأسرار ، وتباينا في اختلاف الأطوار ، ومن حيث أن الروح تستمد من العقل ، والنفس تستمد من الروح ، وجميع الأنوار العلوية تستمد من نور العرش ، كذلك سائر الحروف تستمد من نور الألف ، ورجوع السفلي والعلوي منها إليه ، وكل حرف من الحروف قائم بسر الألف ، والألف سر الكلمة ، وملائكة النور الحاملون للعرش من ذوات هذه الحروف ، والأول منها المتعلق بالعقل اسمه الألف ، والموحدون لحضرة الجلال أربعة : العقل ، والروح ، والنفس ، والقلب ، هو الموحد الرابع ، وتوحيده بسر الحروف التي أوجدها الحق في جبلته ، لأن القلب لوح النقوش الربانية ، بل هو اللوح المحفوظ بعينه ، ومن هاهنا اختلفت الحروف باختلاف أوضاعها ونسبتها إلى أحوال (آدم) فالدال يوم خلقه وخط الجيم يوم تسويته ، وخط الباء يوم نفخ الروح فيه ، وخط الألف يوم السجود ، فكان تركيب البنية الإنسانية بالحكمة الإلهية من شكل تربيعي ، وتربيع طبيعي ، ومن عالمي الاختراع والإبداع ، فعلم أن العالم العلوي والسفلي بأجمعه داخلان تحت