تربة أرض البعث التى ستشبه فى قوامها وتركيبها البطانة الإسفنجية لجدار الرحم فكلاهما هش القوام ومكتنز بالعناصر الغذائية المذابة ... ، وإذا كان فراغ الرحم يمتلئ بسائل مائى غنى بالسكريات والأملاح استكمالا لمصدر غذاء الجنين كذلك فإن تربة البعث الهشة ستحتضن الأجنة الآدمية وسيعلوها سائل مائى كما أخبر صلىاللهعليهوسلم بأنه سينزل مطر من السماء ... ، وكما تغذى الجنين فى رحم أمه ، سيتغذى الإنسان من رحم أمه الأرض ، ولا غرابة فى تكوين الأجنة فى تربة الأرض كما تمت حالات الحمل وسط الأحشاء فى بعض الحالات التى تم فيها استئصال الرحم (١) ... ، وإذا كان الجنين ينفخ فيه الروح فى بطن أمه ثم يخرج طفلا صفيرا غير مكتمل النمو حيث لم تنمو أسنانه بعد ، ولا يستطيع الوقوف فى السير ، فإن الجنين البشرى سينمو فى رحم الأرض نموا كاملا ويصبح ناضج الفكر قوى الذاكرة ولكن لن تسكن الروح فيه ويخرج إلا عند النفخ فى الصور ويأتى وقت الخروج يقول تعالى (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) (٢) ... ، وكما للرحم عضلات تنقبض لتخرج الجنين ، كذلك سوف تنشق تربة الأرض ليتسع طريق الخروج أمام الأجنة البشرية يقول تعالى (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها. وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها. وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) (٣) ... ، ويوم القيامة سيكون نهارا سرمديا حيث لا دوران للأرض ، والبحار تفجر أى تفتح بعضها على بعض بزوال الحواجز وقارات اليابسة التى تفصل بينها ، وبذلك تكون البحار كلها على جانب ، واليابسة كلها على جانب ، وهو المطل على الشمس باستمرار حيث لا دوران للأرض ... ، والبحار سوف تتحلل إلى مكوناتها الأكسجين والهيدروجين المشتعل ، والأكسجين يساعد على الاشتعال مما يؤدى إلى تسجير البحار ، يقول تعالى (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٤) ... ، وكما أن الطفل يخرج إلى الحياة ويجد أن الله تعالى كفل له الرزق المتمثل فى لبن الأم الذى يغنيه عن الطعام ، كذلك
__________________
(١) نفس المرجع السابق ـ البعث يوم القيامة
(٢) سورة الكهف الآية ٩٩.
(٣) سورة الزلزلة ١ ـ ٣.
(٤) سورة التكوير الآية ٦