الوحيد لينال هو أولاده تلك الثروة ، وعند ما شرع فى ذلك سقط عليه منزله ولم ينل شيئا يقول تعالى (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (١) ... ، فاعلم أنك تفكر والله مطلع عليك يقول سبحانه (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (٢) ... ، إن من آيات قدرة الله تعالى اختلاف ألوان البشر واختلاف ألسنتهم ، واختلافهم فى القدرات منهم من يبرع فى الاختراع أو التقليد ، ومنهم من يبرع فى الحفظ ... ، كان الإمام الشافعى رضى الله عنه يخفى أحد الصفحات وهو يقرأ الأخرى حتى لا يحفظها فتشغله عن القراءة لسرعة حفظه ... ، وهناك من يبرع فى التجارة أو الطب أو الحكمة أو غير ذلك من الأمور ومختلف العلوم ... ، وهناك من يبرع فى غرائب الأمور كمن يتمكن من مضغ الزجاج وهضمه ... ، أو ثنى قطعة المعدن بجفنيه وغير ذلك من غرائب الأمور ... ، فسبحانه يزيد فى الخلق ما يشاء ... ، ومن آيات الله اختلاف الناس فى كل شىء ... ، فى الأرزاق ، والغنى والفقر ... ، والصحة والمرض والهدى والضلال ... ، والأخلاق والصفات ، فهناك الكريم والبخيل ، والمتواضع والمغرور ... ، والقوى والضعيف ... ، والصابر ومن يجذع فى الشدائد والمحن ... ، وهناك الفقير الأمى ، والراضى بقضاء الله والمحب لإخوانه ولمن حوله فلا يحسد من هو فوقه ... ، وهناك الفقير الأمى الذى يحسد ويكره من فضّله الله فى شىء ، وهو بذلك يترك الصلاة والعبادة بحجة الفقر والسعى على المعاش ... ، لقد نسى قوله تعالى فى الحديث القدسى مخاطبا عبده" تفرغ لعبادتى أسد فقرك" (٣) ... ، إنها اختبارات العليم الخبير ... ، تشريعه سبحانه ثابت ولكن يختلف الناس بين الغنى والفقر ، والعلم والجهل ... ، والصحة والمرض ، والبيئة واللغة ... ، والرضا والجذع والطمع ... ، فعلى المبتلى أن يصبر وعلى المبتلى أن يشكر ... ، وعلينا أن ندرك أن الله تعالى قطع سلطان العباد فى الأرزاق والآجال ، فلا بد من التوكل على الله فمن نزلت به فاقه
__________________
(١) سورة الأنفال الآية ٣٠.
(٢) سورة الحديد الآية ٤.
(٣) أنظر ـ صحيح الأحاديث القدسية للشيخ مصطفى العدوى.