من الذات الإلهية تقع ظلاله فى نفوس البشر بدرجات متفاوتة تتعلق بشفافية هذه النفوس ودرجات إيمانهم ، ولذلك فإن من غطت المادة أبصارهم وعقولهم واتبعوا الشهوات نجد أنهم لا يفقهون شيئا من القرآن الكريم فلا تنعكس ظلال القرآن كلاما وقولا ولفظا فى قلوبهم ، يقول تعالى (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (١) ... ، فالإنسان مادة ونفحة من روح الله ، فلا بد أن تتغلب روح الله على النفس حتى تكون السعادة الحقيقية ، حيث أن روح الله كانت سببا فى المادة وفى كل شىء ... ، وبالفعل فإن من يذكر الله دائما لا يعرف اليأس أبدا ... ، وفى عصرنا سجل الباحثون أعلى نسبة انتحار فوجدوها عند أصحاب الثراء المادى فقط لغياب الروح عن ذكر الله ، لذلك فإننا فى عالمنا المادى نتلقى القرآن بمعانى تتناسب مع شفافية النفس لا يدركها الغير ممن فقدوا تلك الشفافية ... ، وكذلك فإن النبى صلىاللهعليهوسلم سمعه من جبريل عليهالسلام بشفافية خاصة لا نعلمها نحن ... ، وكذلك سمعه جبريل عليهالسلام من الله تعالى بشفافية خاصة بالملائكة لا يدركها غيرهم ... ، إن كلام الله تعالى هو المعجزة الباقية على مر العصور لغة ونظما ومطابقة للحقائق الكونية ، وحسابا ، ورسما ... ، ويكفى أن هناك المئات من الأمثلة التى تثبت ارتباط مجموع حروف النص المرسومة بحقيقة المسألة التى يصورها النص القرآنى ، وهناك أيضا مطابقة العلوم المختلفة فى جميع المجالات وغير ذلك من الإعجازات المختلفة ... ، إن القرآن الكريم لأنه كلام الله ومراده وقوله أيضا ، فلقد تغيرت عند نزوله مسائل كونية لم تحدث قبل ذلك عند نزول باقى الكتب السماوية ، فعند نزول القرآن الكريم إلى السماء الدنيا ، كان للجن فى السماء مقاعد للسمع ولكن بعد نزوله ملئت بالحرس والشهب ، ذلك لأن القرآن الكريم هو وحى الله مرادا وقولا وحرفا وتحتويه معجزته الباقية على مر الزمن ... ، ولكن باقى الكتب السماوية ، كالتوراة مثلا هى مراد الله ولكن دون أن يصاغ فى قالب لغوى من قبل الله تعالى ، ولكن الرسول هو الذى يقوله بلهجة قومه وينطقه بما يفهمون ، لذلك لم تحمل هذه الكتب المعجزات ولكن
__________________
(١) سورة الإسراء الآية ٤٦.