تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ... ، إن لله تعالى إرادة كونية ، وإرادة شرعية.
لذلك فلا نحكم على العاصى الشرير بأن الله أراد له ذلك ، دون أن يبين له طريق الخير ، ولكن نقول أن الله خيره واختبره وبين له طريق الهدى وأمره بالسعى فيه وهو خالف ما يريده الله واختار طريق الشر فسمح له الله وشاء له بذلك ... ، فالشر يعود إلى إرادة الإنسان الضالة التى يسمح الله لها بأن تحدث باختيار الإنسان وفق مشيئة الله سبحانه ... ، لذلك فالمتأمل للنصوص القرآنية يجد أن لفظ الإرادة الإلهية فى النصوص القرآنية.
تأتى بمعنى السماح للأسباب التى اختارها هؤلاء الضالين بأن تكون طريق هلاكهم يقول تعالى (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) (١) ، ويقول تعالى (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) (٢). وهنا نجد أنه لا بدّ من إفساد العباد أولا بالكفر والابتعاد عن منهج الله حيث تكون إرادة الله بالعقوبة ، ومما سبق نجد أن إرادة الله لا تكون إلا بالخير حيث لا يريد الله تعالى الظلم للعباد ولنا دليل فى هذه الآية من سورة الجن (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (٣).
ونلاحظ هنا إرادة الشر تأتى بصيغة المبنى للمجهول ولم تأت مرتبطة بالذات الإلهية كما هو الحال فى إرادة الرشد الذى يأتى بالخير دائما ، والمتأمل لآيات القرآن الكريم ، يلاحظ الكثير من صور الإعجاز ، فجميع أسماء الصفات ... ، لله تعالى تنتمى إلى اسمه تعالى الله ولذلك نجد أن كلمة اسم تأتى مضافة لكلمة الله وكلمة الرب فى القرآن كله لم تأت مضافة لباقى الصفات ، ونجد أن المشيئة ترتبط بالمسائل المتناقضة والتى تناسب عالم الخلق المكون من أزواج ويحتوى المتناقضات ... ، ومن ذلك نجد خطورة أن يدعى البشر بأن لله ولدا وهذا يستحيل لأن الولد يقتضى الزوجية
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ١٧٦.
(٢) سورة الإسراء الآية ١٦.
(٣) سورة الجن الآية ١٠