المعركة ... ، وهذا هو أحد جنود المسلمين يقترب من ابى عبيدة بن الجراح والقتال يدور قائلا : إنى قد عزمت على الشهادة ، فهل لك من حاجة إلى رسول الله ، أبلغها له حين ألقاه؟ فيجيب أمين الأمة نعم ، قل له : يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا" (١) ... ، وهذا هو جعفر بن أبى طالب فى غزوة مؤتة ، الذى ينطلق وسط صفوف الروم كالإعصار يحصد رءوسهم ويلهب فى حماسة الجيش بصوته المتوهج وفصاحته ، وحين يدرك الروم بأسه ومقدرته فى القتال فيحيط به جنود الروم من كل جانب ، وبسيوفهم يضربون يمينه وهو يحمل راية المسلمين وقبل أن تسقط الراية يتلقها بشماله ، فيضربونها فيحتضن الراية بعضديه حتى لا تلامس التراب وهو حى (٢) ، وعندها يشق عبد الله بن رواحه الصفوف كالسهم نحوها ويأخذها فى قوة ويمضى يقاتل فى شجاعة لا تقل عن شجاعة جعفر رضى الله عنه ... ، يقول صلىاللهعليهوسلم" لقد رايته فى الجنة ، له جناحان مضر جان بالدماء مصبوغ القوادم" ، ولقد كان خباب بن الأرت عبدا لامرأة تسمى أم أنمار ، وحين أسلم ، كانت تسلط عليه الكفار يضعونه على الحجارة المحماة فى قلب الصحراء ، حتى ينسلخ لحمه ، ويعذبونه بأسياخ الحديد المحماة فى النيران الملتهبة ، وكانت تشاركهم فى هذا التعذيب ، وحين يدعو رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله اللهم انصر خبابا ، فتصاب أم أنمار بمرض فى رأسها يجعلها تعوى كالكلاب ، ونصحها المعالجون أنه لا علاج لها إلا أن تكوى رأسها بالنار ، وظلت هكذا تكوى صباحا ومساء حتى فارقت الحياة جزاء من الله من جنس العمل ... ، وهذا هو أبو أيوب الأنصارى الذى يشارك المسلمين فى أكبر المعارك عند فتح القسطنطينية والذى يطلب من يزيد بن معاوية أن يحمله إذا قتل قبل النصر إلى أرض العدو ليسمع حوافر خيل المسلمين هناك ، فيشعر بحلاوة النصر لهم ، ولقد أنجز يزيد الوصية ، لقد كان دائما هادئ الطبع مستقر النفس رغم كثرة المعارك التى خاضها ، فلقد سمع من النبى صلىاللهعليهوسلم حديثا فوعاه" إذا صليت فصل صلاة مودع ، ولا تكلمن بكلام تعتذر منه ، والزم
__________________
(١) أنظر رجال حول الرسول.
(٢) نفس المرجع السابق.