(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً)(٨٥)
الشفاعة الحسنة : هي التي روعي بها حق مسلم ، ودفع بها عنه شر أو جلب إليه خير. وابتغى بها وجه الله ولم تؤخذ عليها رشوة ، وكانت في أمر جائز لا في حدّ من حدود الله ولا في حق من الحقوق. والسيئة : ما كان بخلاف ذلك. وعن مسروق أنه شفع شفاعة فأهدى إليه المشفوع جارية ، فغضب وردها وقال : لو علمت ما في قلبك لما تكلمت في حاجتك ، ولا أتكلم فيما بقي منها وقيل : الشفاعة الحسنة : هي الدعوة للمسلم ، لأنها في معنى الشفاعة إلى الله. وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له (١) قال له الملك : ولك مثل ذلك ، فذلك النصيب» والدعوة على المسلم بضد ذلك (مُقِيتاً) شهيداً حفيظاً. وقيل : مقتدراً. وأقات على الشيء ، (٢) قال الزبير بن عبد المطلب :
وَذِى ضِغْنٍ نَفَيْتُ السُّوءَ عَنْهُ |
|
وَكُنْتُ عَلَى إسَاءَتِهِ مُقِيتَا (٣) |
وقال السموأل :
أَلِى الْفَضْلُ أَمْ عَلَىّ إذَا حُو |
|
سِبْتُ إنِّى عَلَى الْحِسَابِ مُقِيتُ (٤) |
واشتقاقه من القوت لأنه يمسك النفس ويحفظها.
__________________
(١) أخرجه مسلم من حديث أبى الدرداء ، بلفظ «قالت الملائكة : آمين ، ولك بمثله».
(٢) قوله «وأقات على الشيء» لعل بعده سقطا تقديره : اقتدر عليه. (ع)
(٣) للزبير بن عبد المطلب. والضغن : الحقد. والاقاتة : الاقتدار. وروى الصاغاني : أقيت. وروى بعده :
يبيت الليل مرتفقا ثقيلا |
|
على فرش الفتاة وما أبيت |
وطن إلى منه مؤذيات |
|
كما تؤذى الجذامير البروت |
والمرتفق : المتكئ على مرفقه. وتعن : تسرع وتظهر. والجذمار : ما بقي من أصل السعفة. والبروت : الفأس ، وهي فاعل تؤذى.
(٤) ليت شعري وأشعرن إذا ما |
|
قربوها منشورة ودعيت |
ألى الفضل أم على إذا حو |
|
سبت إنى على الحساب مقيت |
ينفع الطيب القليل من الرز |
|
ق ولا ينفع الكثير الخبيث |
للسموأل الغساني اليهودي. وأشعرن : اعتراض ، أى لا حاجة إلى ثمين الشعور ، فانى أعلم أن من عمل خيراً يره ، ومن عمل شراً يره وتوكيد الفعل المثبت الخبر كما هنا نادر جدا ، لأنه ليس من مواضع التوكيد المنكورة في النحو. و «ما» زائدة. وضمير قربوها للصحف. وضمير الفاعل للملائكة. ويروى «الغور» بدل الفضل. وإنى : بالكسر والفتح. المقيت : المقتدر. والشهيد : الحفيظ ، وأصله من القوت ؛ لأنه يقوى النفس ويحفظها. والخبيت بالمثناة : الخبيث بالمثلثة. وحق بلاغة المعنى : تقديم القليل على الطيب ، لكن أخرته الضرورة.