كان سبب هذا الأثر؟ قلت : فيه قولان : أحدهما أنه لما ارتفع بنيان الكعبة وضعف إبراهيم عن رفع الحجارة قام على هذا الحجر فغاصت فيه قدماه. وقيل : إنه جاء زائرا من الشام إلى مكة فقالت له امرأة إسماعيل : انزل حتى يغسل رأسك ، فلم ينزل ، فجاءته بهذا الحجر فوضعته على شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه حتى غسلت شق رأسه ، ثم حولته إلى شقه الأيسر حتى غسلت الشق الآخر ، فبقى أثر قدميه عليه. ومعنى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) معنى قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) وكان الرجل لو جر كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يطلب. وعن عمر رضى الله عنه «لو ظفرت فيه بقاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه» (١) وعند أبى حنيفة : من لزمه القتل في الحل بقصاص أو ردّة أو زنى فالتجأ إلى الحرم لم يتعرض له ، إلا أنه لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج. وقيل : آمنا من النار. وعن النبي صلى الله عليه وسلم «من مات في أحد الحرمين بعث يوم القيامة (٢) آمنا» وعنه عليه الصلاة والسلام «الحجون والبقيع يؤخذ بأطرافهما وينثران في الجنة (٣)» وهما مقبرتا مكة والمدينة. وعن ابن مسعود : وقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ثنية الحجون وليس بها يومئذ مقبرة ، فقال «يبعث الله من هذه البقعة ومن هذا الحرم كله سبعين ألفا وجوههم كالقمر ليلة البدر ، يدخلون الجنة بغير حساب ، يشفع كل واحد منهم في سبعين ألفا وجوههم كالقمر ليلة البدر (٤)» وعن النبي صلى الله عليه وسلم «من صبر على حرّ مكة ساعة من نهار ، تباعدت منه جهنم مسيرة مائتي (٥) عام» (من)
__________________
(١) أخرجه عبد الرزاق في كتاب الحج من مصنفه وأبو الوليد الأزرقى في تاريخ مكة من طريقه عن ابن جريج ، سمعت ابن أبى حسين عن عكرمة بن خالد قال قال عمر بهذا وهذا منقطع.
(٢) قال إسحاق : أخبرنا عيسى ابن يونس حدثنا ثور بن يزيد حدثني شيخ عن أنس به. ورواه البيهقي في الشعب من طريق ابن أبى فديك عن سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس به وزاد «من زارني محتسباً إلى المدينة كان في جواري يوم القيامة» وأخرجه أبو داود الطيالسي تاما من حديث عمر رضى الله عنه بإسناد فيه ضعف ، وهو مجهول ، وقال عبد الرزاق في مصنفه ، أخبرنا يحيى بن العلاء وغيره ، وغالب بن عبيد الله يرفعه ، فذكره ، ويحيى وغالب ضعيفان جداً وأخرجه الدارقطني من رواية هارون بن أبى قزعة عن رجل من آل حاطب عن حاطب بتمامه ، وهو معلول «ورواه الطبراني في الأوسط والصغير ، من وجهين عن عبد الله بن المؤمل عن أبى الزبير عن جابر دون الزيادة ، وأورده ابن عدى في ترجمة عبد الله بن المؤمل : وأخرجه البيهقي في الشعب والطبراني من حديث عبد الغفور ابن سعيد الأنصارى عن أبى هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان قال البيهقي عبد الغفور ضعيف ، وقد روى بإسناد أحسن من هذا ، ثم ذكر طريق عبد الله بن المؤمل ، وقد أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق عبد الغفور ونقل عن ابن حبان أنه قال : كان يضع الحديث. قلت : وهذا من غلط ابن الجوزي في تصرفه فانه لم يختص بعبد الغفور
(٣) لم أجده.
(٤) لم أجده.
(٥) هكذا ذكره أبو الوليد الأزرقى في تاريخ مكة ، لكن بغير إسناد. وقد أخرجه العقيلي في الضعفاء في ترجمة