من معنى الاعتراض ، بمعنى لا تجعلوه شيئا يعترض البر ، من اعترضني كذا. ويجوز أن يكون اللام للتعليل ، ويتعلق أن تبروا بالفعل أو بالعرضة ، أى ولا تجعلوا الله لأجل أيمانكم به عرضة لأن تبروا. ومعناها على الأخرى : ولا تجعلوا الله معرضاً لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به ، ولذلك ذم من أنزل فيه (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) بأشنع المذامّ وجعل الحلاف مقدّمتها. وأن تبروا علة للنهى ، أى إرادة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا ، لأن الحلاف مجترئ على الله ، غير معظم له ، فلا يكون براً متقياً ، ولا يثق به الناس فلا يدخلونه في وساطاتهم وإصلاح ذات بينهم. اللغو : الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره. ولذلك قيل لما لا يعتد به في الدية من أولاد الإبل «لغو» واللغو من اليمين : الساقط الذي لا يعتدّ به في الأيمان ، وهو الذي لا عقد معه. والدليل عليه (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) ، (بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) واختلف الفقهاء فيه ، فعند أبى حنيفة وأصحابه هو أن يحلف على الشيء يظنه على ما حلف عليه ، ثم يظهر خلافه. وعند الشافعي : هو قول العرب : لا والله ، وبلى والله ، بما يؤكدون به كلامهم ولا يخطر ببالهم الحلف. ولو قيل لواحد منهم : سمعتك اليوم تحلف في المسجد الحرام لأنكر ذلك ، ولعله قال : لا والله ألف مرة. وفيه معنيان : أحدهما (لا يُؤاخِذُكُمُ) أى لا يعاقبكم بلغو اليمين الذي يحلفه أحدكم بالظن ، ولكن يعاقبكم بما كسبت قلوبكم ، أى اقترفته من إثم القصد إلى الكذب في اليمين ، وهو أن يحلف على ما يعلم أنه خلاف ما يقوله وهي اليمين الغموس. والثاني (لا يُؤاخِذُكُمُ) أى لا يلزمكم الكفارة بلغو اليمين الذي لا قصد معه ، ولكن يلزمكم الكفارة بما كسبت قلوبكم ، أى بما نوت قلوبكم وقصدت من الأيمان ، ولم يكن كسب اللسان وحده (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) حيث لم يؤاخذكم باللغو في أيمانكم.
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢٢٨)
قرأ عبد الله : آلوا من نسائهم. وقرأ ابن عباس : يقسمون من نسائهم : فإن قلت : كيف عدى بمن ، وهو معدى بعلى؟ قلت : قد ضمن في هذا القسم المخصوص معنى البعد ، فكأنه قيل : يبعدون