مُبَيِّناتٍ)(١) فإذا كان المراد بقوله «مثل نوره» أي مثل هداه وبيانه كان ذلك مطابقا لما قبله ، كما أن تفسيرنا لقوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بأنه هادي أهل السموات والأرض ، فإذا فسرنا قوله : «مثل نوره» بأن المراد مثل هداه كان مطابقا لما قبله كذلك (٢).
هذا يرجح أن ما نسب لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ محض افتراء والشبهة التي ذكرها «نولديكه» غير واردة وثبت أن القراءة المتواترة صحيحة ، معناها واضح لا لبس فيه.
أما قراءة أبي فهي قراءة آحاد لا تثبت قرآنا لمخالفتها الصحيح المتواتر.
الخلاصة :
بعد هذا التوضيح والبيان لما ذكره «نولديكه» من أدلة مفتراة منسوبة لبعض الصحابة ليثبت أن الرسم كان سببا من أسباب الاختلاف في القراءات القرآنية وأن القرآن دخله التحريف لأخطاء الكتّاب فيه ، مما يرفع عنه الحصانة الإلهية ، والتقديس الموجود له في قلوب المسلمين فظهر لنا أن كل ما ذكر محض افتراء ، ليس له أدنى درجات الصحة وينقصه الدقة في النقل ، والأمانة في التوجيه ، كما أنه ظهر منه نوايا هذا المستشرق الذي ما أراد من أقواله إلا الطعن في القرآن الكريم ركيزة الإسلام الأولى والأخيرة والذي يؤسف له أن هذه الأقوال كانت من أستاذ كبير يعتبر من أساطين الغرب وعمدتهم في الدراسات الإسلامية وخاصة كتابه (تاريخ القرآن) الذي وضع أصوله في رسالة علمية في باريس. ولنا مع كتابه وقفات في غير هذا الموضع من الرسالة إن شاء الله تعالى.
جعلنا الله من الذابين عن كتابه ، والمبطلين لمزاعم أعدائه ، والكاشفين القناع عن وجوه أمثال هذا المستشرق ومن يتسترون تحت راية العلم ورسالته.
ويتمسحون به.
__________________
(١) سورة النور : ٣٤.
(٢) انظر التفسير الكبير ٢٣ / ٢٣٦.