قال الأستاذ أبو شهبة : وقد روى هذا الخبر عن ابن عباس ابن جرير في تفسيره ، ولا يخلو إسناده من مدلس أو مضعف.
ورواه الحاكم وصححه وقال : على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وتصحيح الحاكم غير معتبر عند أئمة الحديث إذا انفرد ؛ لأنه متساهل في الحديث.
وحتى لو سلمنا للحاكم فإن مخالفة الرواية للمقطوع الثابت من رواية المصحف يردها وتعتبر شاذة. ووجودها في مصحف أبي وابن مسعود لا يشفع بقرآنيتها ، لأنها مصاحف خاصة.
ويؤيد عدم صحة الرواية عن ابن عباس ما رواه ابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه وغيرهم عن ابن عباس أنه فسر «تستأنسوا» بتستأذنوا وقوله : ومن يملك الإذن من أصحابها (١).
ويرد ما نسب لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن ابن عباس كان قد تلقى القراءة عن زيد بن ثابت وهو عمدة الذين جمعوا القرآن في المصاحف بأمر عثمان ـ رضي الله عنه ـ والقراءة المتواترة على قراءته وما نسب لابن عباس وأبي ابن كعب بقراءة «حتى تستأذنوا» فمحمول على أنها قراءة تفسير وتوضيح. كما أن قراءة «تستأنسوا» متمكنة في باب الإعجاز من القراءة المزعومة «تستأذنوا». فالاستئذان ينصرف إلى الاستئذان بالقول أما الاستئناس فيشمل القول وغيره من الأفعال التي تؤذن بالقدوم كالتسبيح والتحميد والتنحنح وما شابه ذلك. كما أن الاستئناس يقصد به الأنس وإزالة الوحشة وعدم إيلام المستأذن عليه. بعكس لفظ الاستئذان فقد يكون مصحوبا بالخشونة والإيحاش والإيلام (٢).
__________________
(١) انظر المدخل لدراسة القرآن الكريم ص ٣٧١.
(٢) المدخل لدراسة القرآن الكريم ص ٣٧٢.