حفظ الله ـ سبحانه وتعالى ـ هذا الكتاب حتى إنه جعل جبريل ـ عليهالسلام ـ يدارسه للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مرة في كل عام. وقد ثبت مدارسته له في آخر سنة من حياته مرتين. كل هذا ليبقى هذا القرآن خاليا من الزلل والخطأ ، ويقرأ غضا طريا كيوم نزوله أول مرة فأين دعوى السذاجة المزعومة عند الصحابة؟ وأين ما نسبه «نولديكه» لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من ادعاء أنه نسب بعض الأخطاء للكتبة ، أو ما نسبه لبعض الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ.
والآن سأناقش الأمثلة التي استدل بها «نولديكه» لإظهار عوارها.
١ ـ المثال الأول :
«تستأنسوا» والصواب «تستأذنوا» من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١).
نسب «نولديكه» هذا المثال لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ وأنه أخطأ قراءة «تستأنسوا» وصوّب «تستأذنوا» وهذه الدعوى بحد ذاتها افتراء على ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال أبو حيان : [ومن روى عن ابن عباس أن قولة «تستأنسوا» خطأ من الكاتب أو وهم من الكاتب وأنه قرأ «تستأذنوا» فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين وابن عباس بريء من هذا القول](٢).
وقال الخازن ـ رحمهالله ـ : [وفي هذه الرواية نظر ، لأن القرآن ثبت بالتواتر](٣).
وقد صح الإجماع والقراءة المتواترة الصحيحة ب «حتى تستأنسوا» لذا لا يجوز خلافها ، وإطلاق الخطأ والوهم على الكاتب في لفظ أجمع الصحابة عليه وأخذوه بالتلقي قول لا يصح.
__________________
(١) سورة النور : ٢٧.
(٢) تفسير البحر المحيط ٦ / ٤٤٥.
(٣) تفسير الخازن ٥ / ٦٦.