إحداهما :
أنه مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه مرسل لأن ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئا ولا رأياه.
وأيضا :
فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ لما فيه من الطعن عليه مع محله في الدين ومكانه في الإسلام ، وشدة اجتهاده في بذل النصيحة ، واهتمامه بما فيه الصلاح للأمة فغير ممكن أن يتولى لهم جمع المصحف مع سائر الصحابة الأخيار الأتقياء الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ممن لا شك أنه لا يدرك مداه ، ولا يبلغ غايته كمن شاهده. هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله ، ولا يحل لأحد أن يعتقده» (١).
وعلق على هذا الخبر الباقلاني قائلا : «الحديث عن عثمان إنما رواه قتادة مرسلا ، ولعل من أرسله ممن لا يقبل خبره ولا يلتفت إليه ، ولو كان الخبر صحيحا وسلم من الاضطراب الذي هو ثابت فيه لم يجب القطع به والعمل عليه.
والرواية المسندة من قتادة في هذا عن نصر بن عاصم عن عبد الله بن فطيمة عن يحيى بن يعمر قال : قال عثمان : في القرآن لحن تقيمه العرب بألسنتها وهو غاية في الاضطراب والضعف.
وابن فطيمة هذا مجهول ، خامل الذكر ، لا يقبل خبره (٢).
والمعروف أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ كان يشرف بنفسه على جمع المصحف ، ويزيل أي خطأ حتى لو كان في الرسم فقد روى عبد الرحمن بن هاني مولى عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت عند عثمان وهم يعرضون
__________________
(١) المقنع للداني ص ١١٥ ـ ١١٦.
(٢) نكت الانتصار لنقل القرآن ص ١٢٧.