ثم تلقى علومه في الجامع الأحمدي ، وفي الأزهر ، وتأثر كثيرا بالشيخ الأفغاني حتى عمل مدرسا في الأزهر ، ودار العلوم ومدرسة الألسن ، واشتغل في الصحافة ، حيث كان يذيع آراءه الإصلاحية ونفي من مصر بعد إخفاق الثورة العرابية سنة ١٢٩٩ ه فذهب إلى بيروت ثم إلى باريس التي أصدر منها مع شيخه جمال الدين الأفغاني جريدة «العروة الوثقى» التي عطلت بأمر من الحكومة الفرنسية بعد أن صدر منها (١٨) عددا. ولما عاد إلى مصر سنة ١٣٠٦ ه تولى منصب القضاء ، ثم جعل مستشارا في محكمة الاستئناف ثم شغل منصب مفتي الديار المصرية سنة ١٣١٧ ه وبقي فيه إلى آخر حياته ، توفي بالسرطان سنة ١٣٢٣ ه / ١٩٠٥ م (١).
كان الشيخ محمد عبده ـ رحمهالله ـ يستلهم هدى القرآن لإرشاد المسلمين ، وإصلاحهم في كافة جوانب حياتهم وكان ذلك ما عرف بالتفسير الإصلاحي الاجتماعي.
والذي يتفحص كتاباته يجد الشيخ ملما بالأوضاع الاجتماعية العامة والاتجاهات الفكرية المختلفة ، ومشاركا في العلوم الأساسية التي تقوم عليها الحضارة الحديثة ، ومدركا لخصوم الإسلام ومخططاتهم.
تركزت دعوة الشيخ الفكرية في أمرين.
١ ـ تحرير الفكر من قيد التقليد ، وكان يدعو إلى استئناف الاجتهاد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة وبالرجوع إلى الينابيع الأولى.
٢ ـ إصلاح اللغة العربية.
أما دعوته من الناحية السياسية فقد تركزت في أمرين كذلك :
١ ـ كان يدعو الأمة إلى معرفة حقها على حاكمها ، وأن عليها النصح للحاكم.
__________________
(١) لمحات في علوم القرآن ـ الصباغ ص ٢١٨ ، وكتاب الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير د / عبد الغفار عبد الرحيم ص ١٩ وما بعدها.