ركز «جولد تسيهر» في بحثه الأخير (التفسير في ضوء التمدن الحديث) على المدرستين الهندية ممثلة بشخص «سيد خان بهادر» والمصرية ممثلة بشخص الشيخ «محمد عبده» ليظهر من خلالهما حركة التفسير الحديث بمفهوم العصرية وبانحرافاتها.
وسأركز بحثي وحديثي عن هاتين المدرستين ولا أعدوهما لأنهما المدرستان اللتان اهتم بهما المستشرقون اهتماما خاصا وقدموا دراساتهم عن التفسير الحديث من خلالهما.
وسأبدأ حديثي بالمدرسة الهندية وبرئيسها (سيد خان).
المبحث الأول :
المدرسة العصرية الهندية ممثلة في السيد أحمد خان بهادر كما يراها «جولد تسيهر».
المسألة الأولى :
التعريف بالسيد أحمد خان بهادر :
رائد العصرية في العالم الإسلامي هو السيد أحمد خان بهادر ، هندي الأصل عاش بين (١٨١٧ ـ ١٨٩٨ م) ولد في مدينة (دلهي) من أسرة من علية القوم ، عراقة وذات صلة وطيدة بالحكام المغول وإن كانت فقيرة.
نشأ في جو مشبع بالتصوف ، وقرأ في صغره القرآن وعلوم العربية واللغة الفارسية ، ولكن لم يمض في هذه الدراسة قليلا إلا ورغب عنها ونفض يده منها ، وعلى يد أحد أفراد عائلته أخذ يتعلم الرياضيات وعلم الهيئة ، ولم يكن حظه فيهما إلا كحظه في دراسته الأولى. وانقطع أخيرا في دراسته عن التعلم في سن الثامنة عشرة وعاش في شبابه حياة مرح يحضر حفلات الرقص والغناء الشائعة في طبقته ، وفي سن الثانية والعشرين اضطر بسبب وفاة والده للالتحاق بخدمة الحكومة الإنجليزية في سلك القضاء وعمل في عدد من المدن الهندية.